(باب المضاربة)
  في المال ثم (انكشف) لهما (الخسر بعدها) يعني: بعد القسمة وقد كان الخسر حاصلاً من قبل القسمة فإنهما يجبران رأس المال بما قد اقتسماه من الربح حيث الخسر حاصل من قبل القسمة، أما لو لم يحصل الخسر إلا بعد القسمة للربح فلا يجبر الخسر الذي بعد القسمة بالربح الحاصل قبل القسمة.
  والحاصل في ذلك ثلاث صور:
  الصورة الأولى: أن يقع الخسر والربح قبل القسمة، فهذه الصورة يجبر بالربح بلا إشكال.
  الصورة الثانية: أن يحصل ربح ثم يقتسمانه ويقبض المالك رأس ماله ثم يرده إلى العامل مضاربة أخرى، وسواء قبض رأس المال دراهم كما دفعها أو سلعاً تراضيا أن تقع عن مال المضاربة التي هي الدراهم، فإذا قبض ذلك واقتسما الربح الحاصل ثم رد المال إلى العامل مضاربة أخرى ثم حصل خسر في المضاربة الثانية فلا إشكال أنه لا يجبر خسر المضاربة الثانية بربح المضاربة الأولى.
  الصورة الثالثة: أن يحصل ربح ثم يقتسمانه ومالُ المضاربة باقٍ عند العامل، فإن كان مال المضاربة دراهم على صفة المدفوع فقد انعزل العامل بقسمة الربح، فإذا اتجر بإذن من المالك في ذلك المال فحصل خسر فلا يجبر الخسر في هذه المعاملة بالربح الأول؛ لأنها قد صارت مضاربة أخرى إن كملت شروطها، وإلا ففاسدة إن لم تكمل الشروط؛ لأن الأولى قد انفسخت بقسمة المال - يعني: الربح - مع كون مال المضاربة دراهم في يد العامل، أما لو كان مال المضاربة في يد العامل سلعاً أو نقداً لا على صفة المدفوع فصحة القسمة للربح مترتبة على كمال رأس المال، فإذا لم يكمل جبر خسره بالربح الأول؛ لأنها مضاربة واحدة، فهي كما لو اشترى عبدين بألفين ربح(١) في أحدهما مائة وخسر في الآخر مائة جبر خسر الذي خسر فيه بما ربح في الثاني.
  فَرْعٌ: لو اشترى العامل سلعة بمال المضاربة ثم تلف مال المضاربة قبل دفعه للبائع
(١) في (ج): «فربح».