(فصل):
  منافعها فلا يصح من الموصى له بالعين وقفها؛ لأن منافعها مستحقة لغيره. وكذا ما أوصى به للفقراء من منافع داره فلا يصح أن يقفها؛ لأنها [لا] تبطل الوصية؛ لعدم انقراض الموصى له؛ إذ الفقراء لا ينقطعون، لا(١) إذا كانت الوصية بالمنفعة لفقير معين صح أن يقف الموصي هذه الدار الموصى بمنافعها؛ لأن الموصى له لا يستحق المنافع مستمراً، بل يبطل استحقاقه بموته (وما في ذمة الغير) أيضاً فإنه لا يصح وقفه من حيوان أو غيره إما نذر أو مهر للمرأة في ذمة زوجها عبداً أو نحوه فلا يصح منها وقفه.
  (و) اعلم أن من أحكام الوقف: أنه (لا يصح تعليق تعيينه في الذمة) يعني: في ذمة الواقف لو قال: «عليه لله أن يقف» فلا يصح الوقف، بمعنى لا يلزمه أن يقف بعد؛ لأن الوقف لم يثبت له أصل في الذمة، بخلاف ما لو قال: «عليه لله عتق أو نذر» لزمه ذلك؛ لأصالتهما في الثبوت في الذمة، كثبوت العتق عن الظهار في ذمة المظاهر ونحوه، ومثله النذر، فظهر لك فرق بين الوقف والعتق من حيث عدم الأصالة في الثبوت في الذمة للوقف وحصولها في العتق والنذر، فافهم.
  ومن أحكام الوقف أيضاً: أنه لا يصح التخيير في العين الموقوفة لو قال: «وقفت هذه الأرض أو هذه» فلا يقع في أيهما، لا لو خيّر في المصرف فلا يضر وينفذ الوقف، فلو قال: «وقفت أرض كذا على فلان أو على فلان» صح ويصرف في أيهما شاء.
  ومن أحكام الوقف: أنه لا يصح أن تكون العين الموقوفة مجهولة، كوقفت أرضاً أو داراً غير معينة حيث لم يذكر لذلك حاصراً، كقوله: «جميع أرضي» وفيها ما لم يعلمه فلا تضر الجهالة؛ لذكر الحاصر له.
  (و) أيضاً (لا تلحقه) يعني: الوقف (الإجازة) من الواقف لو وقف عنه فضولي وأجاز لم يصح؛ إذ هو - يعني: الوقف - إنشاء، والإجازةُ لا تلحق الإنشاءات (كالطلاق) ونحوه من سائر الإنشاءات، إلا أن يكون وقف الفضولي عقداً لحقت الإجازة من المالك إذا كان العقد بغير عوض، لا بعوض فهو ينافي القربة - يعني: العوض - فلا يصح الوقف؛ لانتفاء القربة فيه.
(١) في (ب): إلا.