تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل):

صفحة 175 - الجزء 5

  كان في المصرف قربة صح الوقف، سواء كانت القربة (تحقيقاً) كالوقف على الفقراء⁣(⁣١) أو على مسجد أو منهل أو سابلة أو نحو ذلك من سائر القرب، كفقير معين أو غير ذلك (أو) كانت القربة (تقديراً) يعني: يقدر حصولها في المستقبل، كالوقف على غني معين أو ذمي معين أو فاسق معين صح؛ إذ القربة وإن لم تكن حاصلة في الحال فهي تقدر؛ لجواز أن يفتقر الغني أو يسلم الكافر أو يتوب الفاسق، أو يموت أحد هؤلاء وتحصل في وارثه القربة، أو ينقضي هو ووارثه ويعود لمصالح المسلمين، فالوقف مع تقدير القربة في المستقبل صحيح وإن لم تكن حاصلة في الحال، ويكون الصرف إلى ذلك الغني أو الكافر من يوم الوقف، ولا يقال: ينتظر حتى تحصل القربة، بل تجويزها في المستقبل كافٍ، ويصير بذلك مصرفاً للوقف من حينه.

  واعلم أنه لا بد إذا كانت القربة مقدرة فقط أن يكون المصرف مما يتملك، لا إن لم يتملك ككنيسة وبيعة فلا يصح الوقف عليهما ونحوهما وإن عينا، لا يقال: تعيينهما كتعيين الكافر وتجويز حصول القربة فيه، فافهم.

  ومن أحكام مصرف الوقف: أنه يصح إذا قد وجد شرطه أن يكون معدوماً حال الوقف، كالوقف على أولاد زيد قبل وجودهم حيث لم يقصد الموجود منهم حال الوقف، أما لو قال: «وقفت على ولد زيد الموجود في بطن أمه الآن» فهذا أيضاً صحيح، لكن يشترط خروجه حياً.

  نعم، وقبل أن يوجد الموقوف عليه كما لو وقف على أولاد زيد من سيوجد يكون الوقف قبل وجودهم كوقف انقطع مصرفه، للواقف أو وارثه كما يأتي حكمه إن شاء الله تعالى.

  (و) أما ما يعتبر (في الإيجاب) يعني: إيجاب الوقف فهو (لفظه) يعني: لفظ الوقف أو فعل يدل على الوقف، كتعليق باب في مسجد ونحوه كما سيأتي، فلا يصح الوقف بمجرد النية من دون لفظ ولا فعل يدل على الوقف.


(١) لفظ شرح الأزهار (٧/ ١٧٩): على فقراء المسلمين.