تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل):

صفحة 176 - الجزء 5

  نعم، واللفظ إما (صريحاً) وهو قوله: «وقفت» يعني: وقفت بيعه ونحوها، و «حبست» مثله، يعني: عن البيع، و «سبلت»، ومعناه: جعلت فيه سبيلاً للغير من المنفعة⁣(⁣١)، و «أبدت»، يعني: حرمت بيعه أبداً، و «حرمت» إن لم يجرِ به عرف بخلافه، و «جعلت» إن أضافه إلى مسجد أو منهل أو نحوهما، لا إن أضافه إلى شخص فظاهر في النذر، حتى لو اختلفا وقال المجعول له: «أردت النذر» فالظاهر معه، وكذا «أوصيت» العرف عند العوام فيها أنها صريح إذا كان لمسجد أو نحوه أيضاً، فهذه الألفاظ في الوقف صريح لا يحتاج معها إلى نية الوقف، بل صريحة فيه.

  (أو) يأتي الواقف بلفظ (كناية) كالكتابة بالوقف فهو كناية، وكذا لفظ «تصدقت» كناية أيضاً إن لم يقل: صدقة جارية أو نحوه، وإلا فصريح، وكذا لفظ «جعلت» إن لم يضف إلى مسجد أو نحوه، فلا بد في الكناية بالوقف من النية له، وكذا أيضاً النطق بالقربة أو ما يدل عليها كما يأتي قريباً إن شاء الله تعالى.

  ومن أحكام لفظ الوقف: أنه لا يحتاج إلى قبول من الموقوف عليه ولا إلى قبض ينوب مناب القبول، بل يكفي عدم الرد، فإن رد أيضاً فله الرجوع، يعني: للمصرف الرجوع عن ذلك الرد؛ لأنه حق يتجدد له في كل وقت.

  ولا ينفذ الوقف باللفظ المذكور الصريح أو الكناية إلا (مع قصد القربة فيهما) يعني: في الصريح والكناية، فإن لم يقصد القربة رأساً لم يصح الوقف، وكذا لو قصد أمراً محظوراً - كالوقف على بعض الورثة لإحرام الآخرين، كإحرام البنات أو أولادهن - لم يصح الوقف أيضاً، وأيضاً لا تصير العين الموقوفة على البعض وصية لهم بأن ينفذ من الثلث، بل لا يستحق الموقوف عليه شيئاً، وتبقى العين الموقوفة من جملة المال تقسم بين جميع الورثة.

  نعم، فلو قصد القربة وقصد معها غيرها كأن يقصد عدم البيع من ورثته لذلك الموقوف مع قصد القربة صح الوقف أيضاً؛ لحصول الشرط، وهو قصد القربة.


(١) في النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (٢/ ٨٩) وهامش شرح الأزهار (٧/ ١٨٠) نقلاً عنه: جعلت له سبيلاً، أي: طريقاً إلى من يملك منفعته.