(فصل): فيما للمتولي فعله:
  شرط لتملك الواقف ما قبض المتولي من المستأجر، ثم يخرج عما في ذمته بعد ملكه لها، لا قبل أن يملكها لو لم يقبضها المتولي فلا تقع عما في ذمته وهو لم يملكها (و) بعد أن يقبضها من المستأجر (يرد) إلى المستأجر إن كان مصرفاً أو يسلم لغيره، وإن كان مستحقاً أو غير مستحق(١)، يعني: غير مصرف لذلك الحق. ولا بد أن يقع الرد إليه أو الدفع إلى غيره (بنيته) يعني: بنية أن ذلك عن الواجب الذي في ذمة الواقف كما تقدم أن الغلة إذا أسقطت شيئاً من الحق فلا بد من النية في الإخراج وإلا لم تسقط شيئاً؛ ولهذا قلنا: لا تدفع الأرض عن ذلك الواجب لاشتراط القبض ولاشتراط النية في الدفع، فافهم، والله أعلم.
  (قيل) هذا تخريج لأبي مضر للهدوية، ومعناه قوله #: (أو) لا يقبض المتولي الأجرة من المستأجر بل (يبرئه) يعني: المستأجر عن ذلك الحق الواجب في ذمة الواقف ويجزئ الإبراء عن الحق (كالإمام) يعني: كما أن للإمام أن (يقف) من بيت المال (ويبرئ) من عليه مظلمة أو زكاة (من) سائر الناس؛ إذ تلك الزكاة (بيت المال) وولاية بيت المال إلى الإمام، فله الإبراء من ذلك؛ لما كانت ولايته إليه، وينظر في المظالم؛ إذ لا ولاية له فيها؟ ويجاب بأن قد يصير له ولاية فيها بأن يتثاقلوا عن إخراجها أو على القول أن ولايتها إليه، وهذا كله من تمام تخريج أبي مضر للهدوية، والتحقيق أن مسألة الإمام مخرجة من مسألة إبراء الولي، فالمعنى لما كان للولي أن يبرئ عن الواجب الذي في ذمة الواقف فكذلك الإمام له ذلك مثله، ولم يكن مراد الإمام تشبيه المتولي بالإمام، وإنما المراد لتبيين إثبات الحكم أنه ثابت للإمام كما يقع من الإمام ذلك كثيراً كما مر له في قوله: «كمخالفة جهة إمامه جاهلاً»، وكما مر في قوله: «كصغيرة سمى لها غير أبيها دونه»، ومراد أبي مضر تخريج أن للإمام أن يشتري من بيت المال أرضاً أو نحوها ويقفها، وكذا للإمام الإبراء من الزكاة التي في ذمة الغير، وسواء كانت زكاة المبرأ أو زكاة غيره، كالمصدق يبرأ منها على خلاف في ذلك، وكذا للمتولي أن يبرئ المستأجر
(١) هكذا في المخطوطات.