(فصل): يذكر الإمام فيه بيان حكم المغصوب، وشروط الغصب، وما يتعلق بذلك:
  إلى مالكها أو تتلف أو ييأس منها، ولا تلزمه الأجرة بعد أحد هذه الثلاثة الأمور، لا قبل أحدها فتلزمه ولو قد خرج من يده، ويلزمه - يعني: الغاصب - الاستفداء لما خرج من يده ولو بمال كثير لا يجحف بحاله كما يأتي، ولا تصح صلاته أيضاً في هذه الدار المغصوبة ولو كانت قد خرجت من يده.
  فحاصله: ما دامت العين غير المنقولة في يد غاصبها فأحكام الغصب كلها جارية عليه، وتلزمه القيمة ولو أتلفها غيره، وإن كانت قد خرجت من يده ففي الإثم وتسميته غاصباً وعدم صحة صلاته فيها ولزوم الاستفداء، ولزوم الأجرة عليه إن تعذر الاستفداء حتى يتفق أحد الثلاثة الأمور، فهذه الأحكام باقية عليه، لا قيمتها لو تلفت عند الآخر فلا تلزمه، ولا القيمة أيضاً للحيلولة أيضاً(١) بين المالك وبين تلفها(٢) على المختار. وهذا إن جنى الثاني عليها أو علم أنها مغصوبة، لا إن لم يجن ولم يعلم أنها غصب فالضمان(٣) على الغاصب [الأول] وإن تلفت تحت الثاني، فهذا مطلق مقيد بما يأتي في قول الإمام #: «والقرار على الآخر إن جنى أو علم»، والله أعلم.
  (و) أما إذا كان المغصوب (من المنقول) كالحيوانات والسلاح والثياب ونحوها فلا يضمن الغاصب من ذلك (إلا ما انتقل) حساً أو حكماً، وسيأتي بيانهما، لا ما لم(٤) ينتقل فلا يضمنه(٥) وإن تلف حال ثبوت يده عليه، إلا بجنايته، وهذا هو الشرط الأول، أعني: الانتقال.
  الشرط الثاني: أن يقع الانتقال (بفعله) يعني: بفعل الغاصب مباشرة، وهو ظاهر، أو تسبيباً كتنفير الطائر أو الحيوان، فلو نقل الشيء لا بفعله بل بفعل غيره لم يضمن، كلو دفعه الغير على مال غيره حتى انتقل ولم يكن له زيادة فعل في النقل لم يضمن
(١) هكذا في المخطوطات.
(٢) هكذا في المخطوطات.
(٣) أي: قرار الضمان.
(٤) في المخطوطات: لا.
(٥) في (ب): يضمن.