(فصل): في بيان شروط صحة الصلاة
  باقٍ يمكن إدراك الصلاة فيه، وقبل الفراغ من الصلاة ينحرف إلى حيث الظن الثاني ويبني على ما قد فعل ولا يستأنف.
  وإن حصل بعدُ شكٌ فبعد الفراغ كذلك لا إعادة ولو كان الوقت باقيًا؛ إذ لم تجب بعد الفراغ ولو ظنّ فبالأولى بالشك، وقبل الفراغ يتحرى أمامه وينحرف انحرافاً يسيراً، فإلى(١) أي جهة حصل له الظن انحرف إليها، ولا ينحرف بمجرد الشك وإلا بطلت إلا إن تيقن الإصابة، فإن لم يحصل له ظن وقد تحرى أمامه بالنظر في الأمارات فلم يحصل له استأنف وانحرف كثيراً لتحصيل ظن الجهة، فإن لم يحصل له انتظر آخر الوقت وصلى إلى حيث شاء من أي الجهات الأربع، والله أعلم، فتأمل، فهذا حاصل مفيد حاو لما قد ذكره الإمام ¦ في قوله: «ويكفي مقدِّمَ التحري على التكبيرة» وقوله: «ولا يعيد المتحري المخطئ» والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.
  نعم، وحكم المخالفة لجهة القبلة بالتحري (كمخالفة جهة إمامه جاهلاً) وهذا إنما يتصور لو كان الإمام أعمى والمؤتم مثله، أو كانا في ظلمة، فإذا انكشف أن المؤتم خالف جهة إمامه بأن صلى إلى جهةٍ وإمامُه إلى جهةٍ فإنه يعيد في الوقت لا بعده، إن تيقن الخطأ فقط في المخالفة لجهة الإمام، وظاهره ولو صلى المؤتم إلى جهة القبلة دون الإمام؛ لأنه إذا وجب على الإمام الإعادة فصلاة المؤتم متعلقة به. ومسألة المخالفة للتحري في الحقيقة هي الأصل هنا، ومخالفة الإمام مقيسة عليها وإن كانت عبارة الإمام ظاهرها يقتضي التعكيس، إلا أن مراده التشريك في الحكم لا القياس.
  وقد استدل على مسألة المخالفة للتحري بخبر السرية، وهو ما رواه جابر قال: بعث رسول الله ÷ سرية كنا فيها وأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: هي هنا - قِبَلَ الجنوب - وخطوا خطاً(٢)، وقالت طائفة أخرى: هي هنا -
(١) في (ب): «وإلى».
(٢) في الشرح: خطوطًا.