(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  الأفضلية. وتقدير الجار بالعرف، فما قضى العرف أنه الجار فهو كذلك، من دون تقدير بأربعين ذراعاً ولا بغيرها، وهذا أقرب ما يتوجه به.
  ويجب منع النساء من المساجد خشية الفتنة والتهمة. ولعله وقت دخول الرجال، لا عند خلوهم فلا تهمة. وهذا في حق ذوات الزينة منهن، لا العجائز؛ إذ لا خشية ولا تهمة.
  فائدة: وأما الصروح المعروفة الآن التي يصلى فيها فليست كالمساجد في الأفضلية وإن كانت مسبلة؛ ولذا لا يحرم على الجنب دخولها، أجاب بهذا سيدنا العلامة الحسن بن أحمد الشبيبي ¦. قلت: ويؤيد ظهور عدم قصد جعلها مساجد كون العامر لها قد عرف لما يتخذ الصرح من تضحية الثياب فيها لمن يعرض للصلاة ودخول المحدثين إليها، وغير ذلك مما يفعل فيها مما لا يفعل في المساجد، فتأمل.
  (وأفضلها) يعني: المساجد (المسجد الحرام) وحدُّه: الكعبةُ والمعمورُ حولها ولو مُد إلى صنعاء، عنه ÷ لأبي ذر: «يا أبا ذر، صلاة في مسجدي هذا تعدل عند الله ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد، وأفضل من هذا كله صلاة يصليها الرجل في بيت مظلم حيث لا يراه إلا الله ø يطلب بها وجه الله تعالى» والوجه في ذلك أن الظلمة تكون أدعى لسكون الجوارح وفراغ القلب؛ لأنه لو أراد الخلوة لقال: في بيت خال، فلا يقال: إن المراد الخلوة عن الناس؛ إذ المراد بذلك البعد عن الرياء وإخفاء العبادة، وهو يحصل بذلك وإن لم يكن لذلك ثمة ظلمة، ولا خفاء أن الظلمة أدعى إلى الخشوع.
  وهل تكون أفضلية المسجد الحرام على غيره بذلك القدر ولو مسجد النبي ÷، أو أفضل منه بذلك القدر ما عدا الألف الصلاة التي هي في مسجده ÷ فيكون أفضل بها في غيره؟ لعل الوجه الآخر أقرب، والله أعلم، وشرح البحر: «وصلاة ركعتين تعدل مائة ألف ركعة في غيره، فصدقة درهمين تعدل صدقة مائة ألف درهم في غيره، وصوم يوم يعدل صوم مائة ألف يوم في غيره» ولعل هذا