(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  تمام الحديث السابق، والله أعلم.
  وقد حسبت صلاة واحدة في المسجد الحرام [فبلغت] عمر خمس وخمسين سنة، وستة أشهر، وعشرين ليلة. ولا يسقط القضاء عن شيء من الفوائت، فلا يتوهم ذلك.
  فَرْعٌ: وهل الطواف بالبيت أفضل من الصلاة في المسجد الحرام أم الصلاة أفضل؟ قال ابن عباس: الصلاة لأهل مكة أفضل، والطواف للغرباء أفضل.
  فائدة: روي أن حول الكعبة المشرفة قبر ثلاثمائة نبي À وعلى نبينا و آله أفضل الصلاة والسلام. وهو يقال: كيف جازت الصلاة والطواف والمشي على ذلك؟ أجيب بأنه ورد الشرع بذلك، وهذا أولى ما يجاب به، ويمكن أن يقال: الأصل الجواز ما لم تعلم المواضع، ولم يعلم ذلك في كل موضع أريد أن يصلى فيه، فالأصل الحل ما لم يحصل موجب المنع.
  فَرْعٌ: فلو وجدت جماعة في غير المسجد الحرام ولم توجد فيه؟ لعل الصلاة فرادى فيه أفضل؛ لظاهر الترغيب، وكثرتها(١) بالتعداد فهي بمائة ألف، وصلاة الجماعة بخمس وعشرين، فلينظر.
  فائدة: يروى أن صلاة بين المنبر وقبره ÷ تعدل مائة ألف صلاة؛ فذلك كالمسجد الحرام، وقد روي عنه ÷: «أن ذلك المكان روضة من رياض الجنة»، بلَّغنا اللهُ معرفة ذلك بحوله وطوله، آمين، بحرمة نبيه الكريم.
  (ثم) بعد المسجد الحرام في أفضلية الصلاة (مسجد رسول الله ÷)؛ لما مر فيه من الأثر من أنها فيه تعدل ألف صلاة في غيره.
  (ثم) بعدهما في الأفضلية - وهو أفضل من غيره من سائر المساجد - وذلك (مسجد بيت المقدس) فهو أحد القبلتين، ووصفه الله تعالى بالبركة فقال: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء: ١] أراد بركة الدين والدنيا؛ لأنه متعبد الأنبياء، ومهبط الوحي، ومقر الصالحين، ومحفوف بالأنهار الجارية، والأشجار المثمرة. (من العهد الأكيد).
(١) في (ب): «وكثرها».