(باب الصيد)
  أكله؛ لأنه طاف، ولم يكن بسبب الحفير حتى يكون بسبب آدمي، فتأمل.
  (والأصل فيما) وجد من حيوان البحر ميتاً و (التبس هل قذف(١)) أو جزر عنه الماء أو نضب حال كونه (حياً) فيحل أكله؛ إذ سبب موته أحد الثلاثة الأمور أو سبب موته غيرها ولم يحصل أحدها إلا وقد صار طافياً محرماً، فالأصل في ذلك (الحياة) وهو أن القذف أو الجزر أو النضوب حصل والحيوان حي ولم يمت إلا بذلك، فيحل أكله، وتجويز كونه حصل أحدها بعد أن صار طافياً خلاف الأصل؛ إذ الأصل في الحيوان الحياة، كمن(٢) وجد شاة مذبوحة في دار الإسلام ولم يكن فيها جناية والتبس هل ذبحت حية أو ميتة فالأصل الحياة فتحل، بخلاف ما يأتي لو التبس هل قتل الصيد سهم المسلم أو الكافر فإنه يحرم؛ تغليباً لجانب الحظر؛ إذ لا أصل في ذلك يرجع إليه، وهذه تحفظ قاعدة، وهو أنه إذا تعارض جنبتا حظر وإباحة رجحت جنبة الحظر على الإباحة إن لم يكن هناك أصل يرجع إليه، لا إن كان رجع إلى الأصل ولو اقتضى ترجيح الإباحة، كمسألة الأزهار هذه فإنه قد تعارض فيها جنبة حظر - وهو تحريم الصيد؛ لتجويز أنه قذف ميتاً - وجنبة إباحة؛ لتجوز أنه قذف حياً ومات بسبب القذف، فرجع إلى الأصل وهو الحياة في الحيوان ولم ترجح جنبة الحظر؛ لوجود أصل يرجع إليه، فتأمل موفقاً إن شاء الله تعالى.
  (و) اعلم أنه يحل (من غيره) يعني: من غير الحيوان البحري، والغير هو صيد البر، فهو حلال بشروط:
  الأول: أن يكون الاصطياد (في غير الحرمين) المشرفين، وهما حرم مكة والمدينة، فأما منهما فحرام لا يجوز أكله، ولو كان الصيد جراداً أو شظاً فلا يجوز أخذهما من الحرم، وكذا لو كان في أحد الحرمين نهر(٣) فصيده محرم ولو كان بحرياً؛ لما كان في الحرم، فصيد الحرمين محرم [سواء كان] طيراً أم غيره، جراداً أو غيرها، بريّاً أو بحريّاً.
(١) في المخطوطات: قذفه. والمثبت لفظ الأزهار.
(٢) في (ج): «فمن».
(٣) في (ج): نمر. وهو تصحيف.