(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز
  ويروى في تسميته أقصى: بعده عن مكة؛ إذ بينهما أربعون يوماً. (من المقاليد). وقد مر(١) أنه إلى جهة الغرب من الكعبة.
  ووجه أفضلية المسجدين عليه، أما المسجد الحرام فلأنه بيت الله، والقبلة، ومكان النبوة، ومبتدؤها. وأما مسجد رسول الله ÷ فلأنه مهبط الوحي، ومهاجر الرسول ÷، ومحط الوحي، ومكان الشرع، وموضع الجسد النبوي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
  وفي مسجد بيت المقدس يروى: مسجد إبراهيم الخليل، وموضع الإسراء. يقال: هو علو؛ لأن أسفله مطاهير لمصلحة، وقد سماه الله مسجداً، لعله يقال: خاص فيه إن(٢) صح دليل اشتراط تسبيل العلو والسفل، وإلا فلينظر.
  (ثم) بعد هذه الثلاثة المساجد في أفضلية الصلاة فيه مسجد (الكوفة) جاء عنه ÷: «أنه صلى فيه سبعون نبياً وأمَّهم يحيى بن زكريا»، ولعله يقال: صلوا في مكانه، أو كان معموراً ثم خرب؛ إذ قد روي أنه عُمِرَ في أيام عمر. وترجح أفضليةَ الصلاة فيه ملازمةُ أمير المؤمنين كرم الله وجهه له أيام وقوفه فيه إلى أن استشهد فيه ¥. ولعل بعده في الأفضلية مسجد قباء، فهو من عمارة النبي ÷، وفيه أنزل: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ ....} الآية [التوبة ١١٠].
  (ثم) بعدها في الفضل (الجوامع) وهي: ما تكثر فيها الجماعات دفعة، يعني لكثرة صلاة الجماعة فيها، لا التي يصلى فيها جماعات كثيرة. ولعل الأبعد مع كثرة الجماعة فيه أفضل من الأقرب إن لم يتعطل الجار.
  (ثم) بعد ذلك في الفضل (ما شرف عامره) وهو الواقف له، بأن يكون ذا فضلٍ وعلمٍ ودينٍ، لا شرف الدنيا فلا عبرة به فيما نحن فيه. ولعله يتبع في ذلك ما شَرُف مجدده وإمامه، يعني: إمام الصلاة فيه.
(١) في (ج): «وقدر».
(٢) في (ب): «إنه».