تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في تعيين أفضل أمكنة الصلاة وبيان تفاوت الأفضلية في الأمكنة وما يحرم فعله في المساجد ويجوز

صفحة 335 - الجزء 1

  مورد للصلاة في كل وقت! ولعله يقال: إن كانت الصلاة وقت الفريضة المعروفة في أولها فالحق للمصلي، فليس لأحد أن يقرأ في ذلك الوقت، وإن كان في غيرها فلعله يجوز له؛ لئلا يؤدي إلى منعه مطلقاً لذلك، لا سيما إذا كان مراده المراجعة مع من مثله يرفع الصوت، فلينظر، والله أعلم.

  ومن أنواع الطاعة: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فيجوز الاجتماع لذلك ونحوه مما يكون فيه منفعة عامة، أو خاصة من صلة فقير أو نحوه إذا لم يستلزم ذلك أمراً آخر محظوراً أو مكروهاً، كرفع الأصوات ونحوها. ويجوز قراءة كتب النحو فيه إذا كان المراد بمعرفتها معرفة الكتاب والسنة، لا الأشعار ونحوها؛ إذ هي من جملة المباح، وهو لا يجوز في المساجد؛ وأما إنشاد الشعر فيه فإن كان في ذلك علم أو معرفة لغة أو مدح رسول الله ÷ فذلك جائز، وإلا فلا.

  وأما الفعل الذي يكون لصاحبه فيه منفعة خاصة كخياطة ونحوها وإن كانت قربة كالذي يقصد بها التكسب على عائلته - فإنها لا تجوز؛ لأن المسجد لا يوضع لكل قربة، وإلا لجازت رياضة الخيل فيه؛ إذ هي قربة إذا قصد تعلم الجهاد في سبيل الله، فليس إلا لقربة مخصوصة، من الصلاة والذكر ونحوهما، ويدخل في ذلك ما كان منفعة عامة للمسلمين، أو خاصة لواحد منهم غير الفاعل في المسجد، مع عدم استلزام ذلك أمراً آخر لا يجوز، فتأمل.

  (غالباً) يحترز بها من صور، منها: لو كانت المنفعة الخاصة تابعة لطاعة فإنها تجوز، كالذي يدخل لانتظار الصلاة فيعرض له خياطة في حال انتظاره، أو للذكر فيعرض له ذلك أو نحوه، وكالمنتظر إذا عرض له النوم قبل حضور الصلاة فإنه يجوز له حتى يحضر وقتها، وكالاجتماع لمصلحة عامة أو خاصة كنفع فقير أو نحوه فيعرض خلال ذلك كلام لا يحتاج إليه وكان يسيراً فإنه معفوٌ عنه، لا الاجتماع لأمر دنيوي فلا يجوز، كما لو عرضت على أهل المحل نائبة فيجتمعون للمشاورة فيها؛ إذ ليست بطاعة.

  وكما لو كان النائم يقوم لأداء الصلاة أو درس علم، وذلك لا يتهيأ له إلا إذا نام في المسجد، كما قد يقع ذلك لمن هو مجد في طلب العلم ويخشى لو نام في رباطه أن