(فصل) في الأشربة المحرمة، وما يحرم الانتفاع به من الآنية
  (و) يحرم أيضاً (المسكر وإن قل) ولو لم يسكر إلا بعض الناس دون بعض - كواحد من ألف - فهو حرام؛ لقوله ÷: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وسواء كان مسكراً لأجل معالجة كالخمر ونحوه أو من أصل الخلقة كالبنج والحشيشة ونحوهما، من عنب أو تمر أو زهو - وهو الذي يحمر من التمر أو يصفر - أو عسل أو حنطة، وسواء كان سكره لأجل الحلاوة أو لمرارته كالخنذرة(١) ونحوها من الأشجار المرة (إلا) أنه يجوز تناول النجس أو المحرم في حالة، وذلك (لعطش) خشي الشارب أن يكون (متلف) له، أو نحو التلف، وهو خشية ذهاب حاسة أو عضو تيقن زواله بذلك الحرام فإنه يجوز له تناوله، فعلى هذا من غص بلقمة وهو لا يجد ما يسيغها به عنده إلا الخمر أو نحوها جاز له ذلك قدر المحتاج إليه في الإساغة، ويحرم ما زاد. ويقدم البول على الخمر؛ إذ هو نجس غير مسكر ولا يحد شاربه ولا يفسق(٢) بخلاف الخمر (أو إكراه) للمتناول عليه فإنه يجوز له التناول للإكراه، وحد الإكراه الخشية من التلف أو ذهاب عضو أو حاسة.
  (و) يحرم أيضاً (التداوي بالنجس) المجمع عليه كالخمر(٣) ونحوه، والمختلف فيه فيمن مذهبه نجاسته، كالهدوي فلا يتداوى ببول الحمير وإن كان فيه خلاف في طهارته. وينظر في التداوي بالمتنجس.
  ولما كان التداوي بالنجس محرماً فيحرم على الأطباء شرح معانيها؛ لما في ذلك من الإغراء بالتداوي بذلك.
  والتداوي بالنجس المحرم إنما هو إذا كانت العلة لا يخشى معها التلف ولا ذهاب حاسة أو عضو، أو كان يخشى ذلك لكن لم يتيقن ارتفاعه لو تداوى بذلك النجس، أما لو خشي من العلة ذلك وتيقن أن النجس يشفيه فإنه يجوز له التداوي بذلك، كمن غص بلقمة؛ إذ لم يبح له إساغتها بالنجس إلا لتيقن حصول الحياة بالإساغة بذلك
(١) الخنذرة: الزؤان، أي: النبتة التي قد تنمو مع القمح في المزارع. (المعجم اليمني في اللغة والتراث).
(٢) في (ج): يطيق. وهو تصحيف.
(٣) الخمر غير مجمع على نجاسته. (من هامش شرح الأزهار ٨/ ٢٣٦).