(كتاب الدعاوى)
(كتاب الدعاوى)
  في الأصل: الدعاء، ومنه قوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ}[يونس ١٠] أي: دعاؤهم. وفي الاصطلاح: الخبر الذي لا يعلم صحته إلا بدليل مع خصم منازع.
  الدليل من السنة قول النبي ÷: «إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم لتختصمون إليّ ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بما أسمع، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذنه، فإنما أقطع له قطعة من نار»
  فقوله: «إنما أنا بشر مثلكم» [أراد به] أنه كأحد البشر وأنه لا يعلم الغيب. وقوله: «ألحن» يعني: أفطن بما يدفع به الدعوى ويقيم الحجة(١). وقوله: «إنما أقضي بما أسمع» يعني: بالبينة أو النكول أو الإقرار، وفي الحديث دلالة أنه إنما ينفذ الحكم في الظاهر فقط، لا في الباطن؛ ولهذا قال: «فلا يأخذنه». وقوله: «إنما أقطع له قطعة من نار» باعتبار ما يؤول إليه، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً}[النساء ١٠] وعنه ÷ [أنه أوجب على المنكر اليمين، فقال خصيمه: إنه فاجر لا يبالي بما يحلف، فقال ÷](٢): «ليس لك إلا ذلك» وذلك في خصومة على مال(٣)، ويمكن أن يجعل على ذلك دليل، وهو قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة ٢٨٢] فالإشهاد ليقم(٤) به الحق عند التداعي، والله أعلم. وعن النبي ÷: «لو يعطى الناس بدعاويهم لادعى ناس دماء قوم وأموالهم، فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه». وقد أشار الإمام # إلى مدلول السنة بقوله: (على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين).
(١) في هامش شرح الأزهار (٨/ ٢٧٩): أو يقيم به الحجة.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٣) في (ج): «أرض».
(٤) في (ج): «ليقيم».