تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل) في شروط المدعي وحقيقته وشروط صحة الدعوى وحقيقة المدعى عليه والمدعى فيه وما يتعلق بذلك من وجوب إحضار المدعى فيه للبينة ونحو ذلك

صفحة 606 - الجزء 5

  ويظهر لك اتفاقهما في مدعي التأجيل والفساد أن البينة على مدعي ذلك بلا خلاف بين أهل القولين، ما ذاك إلا أنه مدع، ولا بينة على الآخر بلا إشكال؛ إذ هي على النفي، وهو لا تكون البينة عليه، فتأمل.

  ومما قد يوهم أنه يظهر الفرق فيه بين القولين: لو أسلم المرتدان وادعت الزوجة ترتب الإسلام ترتباً تقع معه البينونة كما هو محقق في موضعه، فقد بين المتوهم أن الزوج مدعٍ للفساد على قول الكرخي؛ لأنه يخلى وسكوته؛ لأن حق الزوجية له، والزوجةُ مدعية على القول الأول؛ لأن معها خلاف الظاهر، والتحقيق أن الزوجة مدعية على كلا القولين؛ لأنها تخلى وسكوتها بالنظر إلى دعوى الفساد وإن [لم] تخل وسكوتها بالنظر إلى ما يلزمها للزوج، وهي أيضاً معها خلاف الظاهر. ومما يتوهم فيه الفرق: لو ادعت الزوجة مهر المثل والزوج أقل، وفي المشتري: لو ادعى غير نقد البلد، وفي الحط عن المشتري: لو ادعى الشفيع أن البائع حط عنه من الثمن، فيعين المتوهم أن الزوج لا يخلى وسكوته؛ لأنه مطالب بالدين الذي هو المهر، وأن المشتري لا يخلى؛ لأنه يطالب بنقد البلد، والشفيع لا يخلى؛ لأنه يطالب بجميع الثمن، وهذا مسلّم إلا أنه غير متعلق الدعوى؛ إذ الدعوى كون المهر أقل، وهو يخلى الزوج وسكوته في ذلك لا يطالب بأن يدعي كونه أقل، وكذا المشتري لا يطالب بأن يدعي خلاف نقد البلد؛ إذ هو الدعوى، وكذا الشافع لا يطالب بأن يدعي الحط؛ إذ هو متعلق الدعوى، وإن لم يخل وسكوته الزوج بالنظر إلى تسليم المهر، والمشتري بالنظر إلى وجوب تسليم نقد البلد، والشافع بالنظر إلى وجوب دفع جميع الثمن، وليست متعلق الدعوى كما قد توهم، فتأمل موفقاً إن شاء الله تعالى.

  ومن ذلك مدعي الخيار من أحد المتبايعين، أو مدعي انقضاء المدة أو وقوع الفسخ بعد التصادق على الانقضاء، ومن ادعى التأجيل في الثمن، ومن ادعى الزيادة في الأجل - فهو المدعي في هذه الصور كلها على القولين جميعاً في التحقيق، ولا يتوهم