تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): [في كيفية الجرح والتعديل وأسباب الجرح]

صفحة 29 - الجزء 6

  لكن⁣(⁣١) لذلك شروط ذكرها الإمام #، وهي ثلاثة:

  الأول: أن يفعل المحظور معتقداً تحريمه، لا لو لم يكن معتقداً للتحريم إما لكونه مذهباً له - يعني: الحل - وإن كان عند غيره محرماً، وإما لجهله بالتحريم، كأن يلعب بالشطرنج معتقداً حله أو جاهلاً لتحريمه، وكأن لا ينهى زوجته الحرة أو أي محارمه عن التبرج لعدم علمه بوجوب ذلك، فإنه لا يكون جرحاً وإن كان في التحقيق محرماً فعله أو تركه؛ لعدم علمه. هذا في المختلف فيه كما لو كانت الزوجة أو المحرم شويهة، وأما المجمع عليه كالمرأة الحسناء التي يظن أنه تقارنه⁣(⁣٢) الشهوة بالنظر إليها فسترها يكون مجمعاً عليه، ولعله لا يجرح إذا لم يعلم وجوب النهي؛ لعدم الجرأة وإن صار مجمعاً عليه.

  الثاني: أن يكون ذلك الفعل أو الترك لا يتسامح به، فإن كان يتسامح به لم يكن جرحاً، كترك التوقيت للصلاة في اختيارها عند من يرى أن التأخير إلى وقت الاضطرار مجزٍ غير جائز ولو اتخذ ذلك خلقاً وعادة، والغيبة والنميمة والكذب في النادر من الأحوال، فقد لا يسلم منها كثير من الناس، وكترك النكير على من يسمعه يفعل ذلك في بعض الأحوال، فلا يكون ذلك جرحاً؛ للتسامح فيه.

  الثالث: أن يقع الفعل أو الترك منه جرأة، بمعنى مع اعتقاده للتحريم أو للوجوب لكنه متساهل له غير⁣(⁣٣) مقدم على الفعل أو الترك اجتراء منه على ذلك يعني: غير مبال بوجوب الواجب أو تحريم المحرم. فما فعله من المحرمات أو مما يسقط مروءته مما يخالف فيه أبناء جنسه، كأن يدخل في الحرف الدنيئة التي ليست مما يمتهنه من هو مثله جرأة منه، أو ترك واجباً لا يتسامح به جرأة - كان ذلك


(١) في (أ): «يكون».

(٢) صوابه: تقترن.

(٣) كذا في المخطوطات، وكأنه أراد أن يبين مفهوم «وقعا جرأة» كما في «محرمين في اعتقاد الفاعل التارك»، وكما في «لا يتسامح بمثلهما»، لكن العبارة ناقصة.