تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم البينتين أو ما في حكمهما إذا تعارضتا

صفحة 51 - الجزء 6

  الظاهر معه، كأن يتداعيا داراً وهي في يد أحدهما، وبينا على ذلك كل واحد أنها ملكه، فبينة من لم تكن العين في يده أرجح ويحكم له بها؛ لأنها الخارجة، وسواء ادعى الخارج أنها ملكه مطلقاً لم يذكر سبب ملكه أو ذاكراً له مع كون الذي هي في يده لم يذكر سبباً، وسواء ذكر سبب ملكه الداخل مع عدم ذكر الخارج السبب أو لم يذكره وإن ذكر الخارج السبب، والمراد من هذا أنه لا يضر ذكر أحدهما للسبب حيث لم يذكر السببَ الآخرُ، لا مع ذكره فسيأتي أنها تقدم المتقدمة، ولو كان الذاكر للسبب الداخل وحده فإنه لا تخرج العين عن يده بذكر السبب للملك من غيره؛ إذ يده يد ذلك المضاف تملكه منه، ولأنها لم تخرج عن يده بإضافته إليه؛ لعدم مصادقته، فتأمل.

  وينظر لو لم يذكرا⁣(⁣١) السبب أو ذكره أحدهما فقط وأرخت البينتان وكانت بينة الداخل أقدم في التاريخ؟ لعل بينة الخارج أولى.

  (ثم) إذا كانت بينتهما جميعاً خارجة أو أحدهما، بأن لم يكن في أيديهما، بل في يد ثالث مقر لهما أو لواحد غير معين، أو في أيديهما وأضافا⁣(⁣٢) إلى شخص واحد يعني: الشراء منه، أو في يد أحدهما وقد أضافا وأرختا معاً - حكم بذلك الشيء لذي الشهادة (الأولى) منهما، كأن يقول أحدهما: «اشتريتها من زيد يوم الجمعة» ويقول الآخر: «اشتريته من زيد يوم السبت» وبينا جميعاً - حكم لمن أرخ بيوم الجمعة؛ إذ هو المتقدم، وتحمل المتأخرة بعده على السلامة أنه وقع عقدان من المالك والمتأخر منهما غير صحيح، والحكم للمتقدم، ويرجع المتأخر بالشراء على البائع إليه بالثمن؛ لاستحقاق العين عليه بالحكم وإن كان مقراً للبائع بالملك⁣(⁣٣)، فتأمل.


(١) في المخطوطات: يذكر.

(٢) في المخطوطات: أو أضافا.

(٣) ولفظ هامش شرح الأزهار (٨/ ٥١٣): ومن استحقت عليه الدار رجع بما سلم من الثمن؛ إذ بطل عقده بالحكم لخصمه، ولا يقال: هو مقر لمن باع منه؛ إذ لم يقر إلا استناداً إلى الظاهر، وقد بطل؛ فإن أقر له بعد الحكم لم يرجع± عليه.