تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم رجوع الشهود عن الشهادة وما يتعلق بذلك

صفحة 55 - الجزء 6

  هذا إن أضافا إلى شخص واحد، فإن أضافا إلى شخصين فبينهما نصفين، ولا فرق بين أن يكونا داخلين أو خارجين أو أحدهما داخلاً والآخر خارجاً. وقوله: (في الأصح) من قولين: أحدهما لأبي طالب، وهو أنه يحكم للمطلقة بأقرب وقت، وهو المختار، والآخر للمؤيد بالله أنه لا يحكم لأحدهما بتقدم، ويكونان سواء، ويقسم الشيء المدعى بينهما مع إطلاق شهادة أحدهما وتاريخ الأخرى، فتأمل، والله أعلم.

(فصل): في حكم رجوع الشهود عن الشهادة وما يتعلق بذلك

  (و) اعلم أن (من شهد عند) حاكم (عادل) منصوب من جهة الإمام أو نحوه أو من جهة الصلاحية، لا محكم فلا ضمان كما يأتي، لا الرجوع فيصح ولو شهدوا عند محكم بالأولى (ثم رجع عنده أو عند مثله) أو عند غيرهما وتواتر للحاكم رجوعهم (بطلت) تلك الشهادة بالرجوع عنها، بمعنى لا يحكم بها، فلو حكم الحاكم قبل علمه برجوعهم نقض الحكم ولا ضمان عليهم. والمراد بالرجوع حيث قالوا: رجعنا أو كذبنا بما شهدنا به⁣(⁣١)، وأما لو أنكروا الشهادة أو أقروا على أنفسهم بالفسق أو الجرح فإنه لا يكون رجوعاً ولا يلزمهم شيء.

  ولا يصح الرجوع عن الرجوع؛ لأن الرجوع الأول لزمهم به حق، فصار كالإقرار [بحق لآدمي]، ولا يصح الرجوع عنه.

  نعم، وتبطل الشهادة بالرجوع ولا يحكم بها إذا كان الرجوع عنها (قبل الحكم) من الحاكم بمقتضاها (مطلقاً) سواء كانت الشهادة في الحقوق أم في الحدود والقصاص، فيمنع الحاكم من الحكم لرجوع الشهود قبل حكمه.

  نعم، وقد اعتبر أن يشهدوا عند حاكم أو نحوه ممن هو منصوب من محتسب أو من جهة الصلاحية للضمان الذي يجب على الشهود بالرجوع بعد الحكم بالشهادة، حتى لو كانت شهادتهم عند غير من ذكر فإنهم لا يضمنون ولو لم⁣(⁣٢)


(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٨/ ٥١٨): رجعنا عما شهدنا به أو كذبنا في ذلك.

(٢) في المخطوطات: أو لم. ولعل ما أثبتناه الصواب.