تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حكم رجوع الشهود عن الشهادة وما يتعلق بذلك

صفحة 60 - الجزء 6

  مَسْألَة: إذا شهد العبد ثم رجع كان الضمان في ذمته، لأنه ثبت بإقراره فقط، كما تقدم فيما يثبت بإقراره فقط لأجل إنكار سيده، إلا أن يصدقه السيد في رجوعه كان الرجوع متعلقاً برقبته؛ لمصادقة⁣(⁣١) السيد.

  مَسْألَة: فإن رجع الأصول دون الفروع ضمن الأصول فقط، كما لو أدوها ثم رجعوا، فإن رجع الفروع فقط ضمنوا، إلا أن يقولوا: كذب الأصل أو غلط فلعله لا ضمان؛ لأنه ليس برجوع من جهتهم، ولا يقبلون على الأصول. فإن رجع الأصول والفروع عمهم الضمان؛ لترتب الحكم على شهادتهم جميعاً، فتأمل، والله أعلم.

  (و) أما إذا كانت الشهادة توجب حداً أو قصاصاً ورجعوا عن الشهادة بعد أن نُفِّذ ذلك الحكم فإنه لا يحد الشهود، بل يجب أن (يتأرش) منهم، يعني: يقبض منهم الأرش إن كان قد أوجب الحد أرشاً، وسواء كانوا عامدين أو جاهلين (و) إن كانت شهادتهم توجب قصاصاً وجب أن (يقتص منهم) أولياء المشهود عليه بالقصاص، وإنما كان الضمان عليهم وهم مسببون والحاكم مباشر لأنهم ملجئون للحاكم لأن يحكم بالقصاص، والملجأ في حكم الآلة للملجيء. وإنما يقتص منهم برجوعهم عن الشهادة بعد تنفيذ القصاص إذا كانوا (عامدين) أن يشهدوا على المقتص منه زوراً بالقتل، يعني: أقروا بأنهم شهدوا زوراً عمداً، فإن لم يذكروا عمداً ولا خطأً بل قالوا: «شهدنا على فلان زوراً» أو قيدوا⁣(⁣٢) الشهادة بالخطأ فلا يقتص منهم، أما مع قولهم: خطأ فظاهر، والعمد لا دليل عليه، وأما حيث يطلقون ويقولون: «شهدنا زوراً» فالظاهر في القتل - على المختار - الخطأ، فحمل مع الإطلاق عليه، ولزمت الدية عواقلهم وإن أقروا بالخطأ وإن لم تصدقهم العاقلة، ولا يقال: إنه لا يلزم العاقلة ما ثبت بالاعتراف؛ لأن الشهود هنا إنما اعترفوا بصفة الفعل لا الفعل نفسه؛ فلذا يلزم العاقلة وإن لم يصدقوهم.


(١) في المخطوطات: لمصادقته. ولعل الصواب ما أثبتناه.

(٢) في المخطوطات: وقيدوا. والصواب ما أثبتناه.