(فصل): في حكم رجوع الشهود عن الشهادة وما يتعلق بذلك
  ينظر لو أقروا أنهم شهدوا زوراً وقالوا: لا نعلم أنه يقتل المشهود عليه، وينظر لو أقر المقتص أنه لا يستحق القصاص بعد أن اقتص هل يرجع على الشهود لرجوعهم عن الشهادة أم لا؟ وهل يعتبر مصادقة ورثة المقتص منه؟ فينظر.
  واعلم أنه لا يغرم الشهود برجوعهم عن الشهادة بعد الحكم بها ولا يتأرش ولا يقتص منهم إلا (بعد انتقاص نصابها) يعني: نصاب الشهادة برجوعهم، كما لو شهد بالمال اثنان فرجع أحدهما، أو بالزنا أربعة فرجع واحد أو أكثر، فقد نقص نصاب الشهادة هنا، وأما لو لم ينقص النصاب وإن رجع من رجع(١) فلا ضمان على الشاهد، كأن يشهد بالمال ثلاثة فرجع واحد فالنصاب المعتبر في الشهادة باق، وهو عدلان، فلا ضمان على الراجع، وكذا لو شهد بالزنا ستة فرجع واحد أو اثنان فلا ضمان؛ لأن النصاب باق، وهم أربعة، إلا أن من رجع يعزر(٢) لشهادته زوراً، وفي شهادة الزنا لا يحد للقذف برجوعه عن الشهادة مع بقاء نصابها؛ لأن من شهد عليه أربعة ليس بعفيف، فإن رجع من بعدُ أحد الأربعة فإن لم يكن قد أتم الحد حد من رجع للقذف، وإن كان الرجوع بعد إقامة الحد على المشهود عليه بالزنا تأرش من الراجع ولا يحد للقذف وإن كان قد نقص النصاب؛ لئلا يجتمع على الرابع غرمان في ماله وبدنه (و) يجب أن يكون الضمان على من رجع (حسبه) يعني: حسب ما انتقص من نصابها وإن كثروا حتى لا يبقى واحد من الشهود، ثم على عدد الرؤوس، فلو شهد بالزنا ستة فإذا رجع اثنان فلا شيء عليهما، وإن رجع معهما واحد فقد انتقص من نصابها الربع، فيضمنه الثلاثة - يعني: الربع - بينهم أثلاثاً، فإن زاد رجع منهم واحد فقد انتقص من نصابها النصف فيضمنون النصف أرباعاً، وإن رجع خامس فقد نقص ثلاثة أرباع من نصابها فيضمنون ذلك أخماساً، وإن رجع السادس كان الضمان بينهم
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) في المخطوطات: يغرم. والصواب ما أثبتناه.