(باب التفليس والحجر)
  أنه مفلس لا يجد ما يوفي به الغرماء وقد (ظهر(١) من حاله) ذلك الإعسار لعدم تصرفه في الأموال كغيره من الموسرين، ويظهر بقرائن الأحوال، فيقبل قول ذلك مع يمينه أنه لا يجد ما يفي بدينه، لا إن قصد أخذ زكاة أو نحوها فلا يحلف، وسواء تقدم حكم بإعساره أو إفلاسه أم لا فظاهر الحال كافٍ في قبول قوله.
  (و) إذا ترك لظاهر حاله بالإفلاس ثم ادعى عليه غريمه إمكان القضاء وأنكر ذلك فإنه (يحلف) ما يجد القضاء، وتكون اليمين على القطع، ولا ترد؛ لأنها يمين تهمة، ويفعل كذلك (كلما ادعى) غرماؤه (إيساره) وقد ترك مدة من بعد أن حلف المرة الأولى (وأمكن) عادة - لا في قدرة الله تعالى - أنه قد ملك فيها ما يفي بدينه (و) بعد أن يظهر من حاله الإفلاس وحلف فإنه (يحال بينه وبين الغرماء) بمعنى يترك من ملازمتهم له في معاملته وإجارته وسائر تصرفاته؛ لقوله ÷ لغرماء معاذ: «لا سبيل لكم عليه»، ولأنه يؤدي لو لازمه الغرماء إلى إنزال الضرر به وبهم؛ إذ يمتنع الناس من معاملته إذا رأوا ذلك لعلمهم بحاله فيتركوه من المعاملة ويؤدي إلى عدم حصول ما يقع به القضاء.
  (و) اعلم أنه (لا) يلزم أن (يؤجر الحر) نفسه إذا قد صار مفلساً ليقضي دينه بما يحصل له من الأجرة؛ إذ هو ابتداء تمليك، وهو لا يجب عليه، وسواء كان له حرفة أم لا، وما جاء من استسعاء العبد بدين عليه فخاص به؛ لقوله ÷: «يستسعى غير مشقوق عليه» وذلك وارد في العبد خاصة.
  فَرْعٌ: ويجب على الحر تأجير نفسه ويستسعى في مواضع خمسة:
  منها: إذا التبس بعبد.
  الثاني: إذا رهن عبداً وفي قيمته زيادة على ما رهن به(٢) وأعتقه الراهن وهو - يعني الراهن - مفلس فإنه يسعى للمرتهن بقدر الدين؛ إذ استهلك عليه ما له فيه
(١) لفظ الأزهار: ظهرا.
(٢) صوابه: فيه.