(باب الصلح)
  أن تكون في ذمته عشرة دراهم فيصالحه بخمسة دراهم فهي كالإبراء، ولا يضر الاختلاف في النوع أو الصفة بين المصالح به والمصالح عنه مهما كان موافقاً في الجنس (وإلا) تكن عن دين، بل عن عين، أو كان عن دين إلا أنه دفع مثله كاملاً، أو كان عن دين إلا أنه دفع من غير جنسه كما لو صالح بحبٍّ عن دراهم أو ببر عن شعير (فكالبيع) هذه المصالحة يعتبر فيها ما يعتبر في البيع، من الخيارات، وبطلانه بالاستحقاق، ووجوب التقابض حيث يشترط، ويحرم التفاضل حيث يمتنع، وصحة وقفه على الإجازة، وغير هذه الأحكام، من اعتبار القبول وغيره، بخلاف الذي بمعنى الإبراء فلا يفتقر إلى قبول.
  ويشترط عدم تقدم المخاصمة في ذلك، فلو تقدمت فهو صلح عن إنكار، وهو لا يصح كما يأتي.
  تذنيب: وقد يكون الصلح بمعنى الهبة، وهو حيث يصالح عن عين(١) له في يد غيره ببعضها فيكون قد وهب له باقيها. وبمعنى العارية أيضاً، وهو حيث صالح عن عين(٢) له في يد غيره بمنفعتها مدة معلومة. وهما يصحان - الذي بمعنى الهبة والذي بمعنى العارية - مع اعتراف من العين في يده أنها لمالكها ولو امتنع من تسليمها إلا بذلك الصلح، لا إن كان منكراً فلا يصح الصلح مع الإنكار. ويكون الصلح أيضاً بمعنى الجعالة، كقوله: «صالحتك بكذا على أن تسعى في رد عبدي»، وبمعنى الخلع، كقول الزوجة: «صالحتك بكذا على أن تطلقني طلقة» فالصلح قد اقتضى أن يكون خلعاً، وبمعنى الفداء، كقوله للحربي: «صالحتك بكذا على إطلاق هذا الأسير» فالصلح بالمال على إطلاق الأسير يكون فداء، وبمعنى الفسخ، كما إذا صالح عن المسلم فيه قبل قبضه على رد ثمنه - رأس المال - فإنه يكون فسخاً، وبمعنى السلم، نحو أن يجعل العين
(١) في المخطوطات: بعين. والمثبت من البيان (٦/ ٦٥) وهامش شرح الأزهار (٨/ ٦٩٤).
(٢) في المخطوطات: بعين. والمثبت من البيان وهامش شرح الأزهار.