تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب الصلح)

صفحة 189 - الجزء 6

  وأما الصورة الثانية من صورتي الاختلاف، وهو حيث يصالح عن المعجل بمؤجل - فهي التي أشار إليها الإمام ¦ بقوله: (إلا عن نقد) يعني: [عن] حال سواء كان نقداً أو مثلياً⁣(⁣١) وصالح عنه (بدين) فإنه لا يصح، نحو أن يكون عليه مائة حالة فيصالحه بخمسين مؤجلة، فذلك يجري مجرى بيع عشرة بخمسة مؤجلة، وهو لا يصح كما لا يصح في الصرف، ولا يلزم عليه إذا صالح عن عشرة [مؤجلة]⁣(⁣٢) بخمسة معجلة؛ لأنه يكون حطاً، والحط جائز، والصلح عن المعجل بالمؤجل⁣(⁣٣) دونه لا يكون حطاً؛ لأن الحط عن المعجل إنما يكون بما هو دونه [معجلاً]⁣(⁣٤)؛ إذ المعجل لا يحط منه مؤجل⁣(⁣٥)، فأحدهما مخالف للآخر، فتأمل موفقاً إن شاء الله تعالى.

  (وفي) الطرف (الثاني) وهو الذي بمعنى البيع (يمتنع) فيه الصلح عن (كالئ بكالئ) يعني: عن معدوم بمعدوم، اشتق من الكلأ وهو العدم، أو يقال: الكالئ النسيئة والتأخر، يقال: كلأ⁣(⁣٦) الله عمرك، أي: طوله وأخره. فلا يصح أن يصالحه عن عشرة أصواع حنطة في ذمته بخمسة دراهم مؤجلة، فإن حضرت الدراهم وقبضت في المجلس قبل التفرق صح؛ إذ قد خرج عن كونه معدوماً بمعدوم.

  فَرْعٌ: فإن كانا في ذمتين صح أن يصالح بما في ذمة أحدهما عما في ذمة الآخر كما يصح البيع كذلك؛ إذ ما في الذمتين كالحاضر، والله أعلم.

  (و) في الصورة الثانية التي هي بمعنى البيع (إذا اختلفا) المال المصالح به والمصالح عنه (جنساً) كأن يكون المصالح عنه براً والمصالح به شعيراً أو دراهم،


(١) في المخطوطات: مثلها. والمثبت هو الصواب.

(٢) ما بين المعقوفين من الغيث وهامش شرح الأزهار (٨/ ٦٩٨).

(٣) لفظ الغيث وهامش شرح الأزهار: بمؤجل.

(٤) ما بين المعقوفين من الغيث وهامش شرح الأزهار.

(٥) في المخطوطات: عنه مؤجلاً. والمثبت من الغيث وهامش شرح الأزهار.

(٦) في هامش شرح الأزهار (٨/ ٦٩٨): أكلأ.