(باب الصلح)
  ماله أو من التركة، إن كان من ماله كان متبرعاً، إلا أن يجيزوا مع الإضافة أو أمروه بالدفع، وإن كانت من التركة صح في حصته، ووقف في حصة الباقين على الإجازة، والضمان في هذه الصورة [إذا ضمن] هو ضمان الدرك، فإذا استحقت العين رجع [صاحب الدين] عليه بالدين ورجع عليهم بحصتهم؛ لأن له ولاية في قضاء الدين من جنسه حيث لا وصي. وإن صالح بدين صح في نصيبه أيضاً ووقف في نصيب الباقين، فإن لم يجيزوا لزمه حصته من الذي صالح به فقط، ولو ضمن لم يصح ضمانه؛ لأنه ضمين(١) بغير الواجب، وإن أجازوا صلحه صح في الجميع ولم تعلق به الحقوق؛ لأنه فضولي(٢)، والله أعلم.
  (و) اعلم أنه (لا يصح) الصلح (عن حد) من الحدود الشرعية، فلا تدرأ بالصلح بعد(٣) ثبوتها، ولا تقام به مع عدم الثبوت به. وكذا لا يصح أيضاً عن ولاءٍ (ولا) عن (نسب) من الأنساب نفياً ولا إثباتاً؛ إذ فيه تحليل ما حرم الله - في الإثبات - من إثبات الحد بلا سبب، وتحريم ما أحل الله من إقامة الحد عند حصول سببه، وفي النسب كذلك، وقد قال ÷: «لعن الله من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه».
  (و) اعلم أن الصلح عن (إنكار) من المدعى عليه لا يصح، بمعنى: أنه لا يطيب ما أخذه أحدهما إذا علم أنه غير جائز له أخذه، فلا يكون الصلح محللاً له، لا يقال: قد قلتم في آداب القاضي: يندب له الخوض في الصلح أولاً مع أنهم متناكرون في أول الأمر؛ لأنا نقول: المراد أنه يندب له الحث للغرماء على المصادقة من المدعى عليه والمسامحة من المدعي، أو يقال: المراد هناك في شرعيته أنه يشرع للحاكم أن يخوض في الصلح حسماً لمادة النزاع، والمراد هنا عدم الحل بالصلح.
(١) في هامش شرح الأزهار (٨/ ٧٥٠): ضمن.
(٢) يحقق هذا إن شاء الله، في البيان ما يشفي في المسألة التي في آخر باب الصلح. (من هامش أ، ب).
(٣) في المخطوطات: بعدم. والمثبت هو الصواب.