(باب والإبراء)
  (و) لا يصح الصلح إذا تضمن (تحليل محرم) شرعاً (وعكسه) تحريم حلال فلا يصح ولا يجوز، أما الأول [فـ] ـكالمصالحة التي تقتضي الربا، كأن يصالح بأكثر من الدين من جنسه، وكـ: على أن يبيح له زوجته أو أمته، والثاني أن يصالحه على عدم وطء زوجته المباح له وطؤها شرعاً، أو أن لا يتصرف في ملكه أو نحو ذلك مما قد أحل الشرع، وقد قال ÷: «إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً».
  نعم، والمراد من منع ذلك الصلح إذا كان سبب التحريم والتحليل باقياً، لا إن ارتفع وهو يصح ارتفاعه بالصلح فيحل، بل أكثر المباحات والمحرمات إنما تحصل بعد عدمها(١)، كأن يصالحه أن يهب له أمته فيحل وطؤها بعد ذلك بالصلح وقد ارتفع موجب التحريم، وهو كونها ملك الغير، وكذا في البيع والطلاق والنذور وغيرها من سائر التصرفات يقتضي تحريم حلال أو تحليل حرام، فتأمل، والله أعلم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
(باب والإبراء)
  لغة: تنزيه المبرأ عن شيء، والبراء: هو التنزه، فمن الأول: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}[الأحزاب ٦٩] {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي}[يوسف ٥٣] حاكياً عن يوسف، ذكره في الكشاف، وقيل: عن زليخا، ومن الثاني: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ٢٦}[الزخرف ٢٦]، {إِنَّا بُرَأَئُ}[الممتحنة ٤].
  وفي الشرع: إسقاط ما في ذمة الغير من حق أو دين.
  دليله: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة ٢٢٧] {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.
  ومن السنة قوله ÷: «من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظله يوم لا كل إلا ظله» والوضع: الإبراء.
  وأما الإجماع فلا خلاف بين علماء الأمة في شرعيته على سبيل الجملة.
(١) ما معنى أن أكثر المباحات والمحرمات إنما تحصل بعد عدمها؟