(باب والإبراء)
  واعلم أن الشيء المبرأ منه إما حق أو مال، والمال إما دين أو عين، والعين إما مضمونة أو غير مضمونة، فهو (إسقاط للدين) والدم والحق، وليس بتمليك؛ فلا يعتبر فيه القبول وسائر ما يعتبر في التمليك. والحقوق كالقصاص والشفعة وخيار الرؤية والعيب والشرط وحق اليمين والدعوى والضمانة، وينظر هل يفرق بين الحقوق التي تثبت في الذمة والتي لا تثبت فيها كحق المرور ونحوه أم لا(١)؟
  (و) أما إذا كان الإبراء من عين(٢) في يد المبرأ وهي مضمونة عليه من غصب أو غيره فالإبراء إسقاط (لضمان) تلك (العين) المضمونة، وتبقى في يد المبرأ أمانة، ولا يملكها ولو جاء بلفظ: «أحللت»، إلا أن يكرر الإبراء صارت بالإبراء الثاني إباحة(٣)؛ إذ قد صارت بالأول أمانة. إلا العين المرهونة فلا تصير بالإبراء أمانة في يد المبرأ؛ لبقاء سبب الضمان، وهو الرهن، وسواء أبرأه الراهن من الضمان أو من العين. وإذا اقتضى العرف أن الإبراء من العين المضمونة إباحة كانت العين المغصوبة(٤) بالإبراء كذلك إباحة لمن هي في يده؛ للعرف.
  (و) أما إذا كانت العين المبرأ منها أمانة في يد المبرأ فإن الإبراء يكون (إباحة للـ) عين التي هي في يده (أمانة) لا ضمانة، يجوز للمباح له استهلاكها، وللمالك الرجوع قبل الاستهلاك حساً ولو كان [المباح له] قد استهلكها حكماً، ولا يرجع(٥) بما غرم فيها على المالك.
  فَرْعٌ: وتبطل الإباحة بموت المباح له، وبموت المبيح إن كانت مطلقة، وإن كانت مقيدة بوقت [أو مؤبدة لم تبطل و] كانت بعد موت المبيح وصية تنفذ من الثلث.
(١) سيأتي بيانه في شرح «غالباً» آخر الباب إن شاء الله، فتأمل. (من هامش أ، ب).
(٢) في المخطوطات: بعين.
(٣) إلا أن يجري عرف أنه يريد التأكيد. (é) (من هامش شرح الأزهار ٨/ ٧١٠).
(٤) لعلها: المضمونة.
(٥) كذا في المخطوطات. وفي هامش شرح الأزهار (٨/ ٧١٠): ويرجع المباح له بالغرامة.