(باب والإبراء)
  فَرْعٌ: وحيث قلنا: يصح البراء بعوض مشروط فلا يقع إلا بحصوله، فإن كانت معقودة فيقع بالقبول أو ما في حكمه، فإن تعذر العوض فله الرجوع، ولا يجبر ملتزمه ولا له المطالبة بقيمته، وهذا حيث لا يملك العوض بنفس العقد، فإن ملك العوض بنفس العقد، نحو: أبرأتك على هبة كذا وقبل، فإن أمكن الإجبار عليه أجبر، فإن تعذر نحو أن تتلف العين أو يموت بطل البراء إذا فسخه الحاكم للتعذر. وينظر هل يبطل بنفس التلف أو يحتاج إلى فسخ؟ وقد خالف الطلاق والعتاق فإنهما لا يبطلان بتعذر العوض في العقد؛ لقوة نفوذهما؛ بدليل أنهما لا يبطلان بالرد، بخلاف البراء، ويرجع إلى قيمة العوض للتعذر في الطلاق، وإلى قيمة العبد في العتق.
  نعم، وحيث يتعذر العوض يرجع عما أبرأ لتعذره (ولو) كان العوض (غرضاً) كـ: أبرأتك على أن تطلق زوجتك، فقبل ولم يطلق، فإنه يرجع؛ لعدم حصول الطلاق. ويعتبر أن يكون الغرض مقصوداً، وإلا وقع بالقبول، ولا رجوع لتعذره؛ إذ هو عبث.
  هذا في العقد، وأما إذا كان شرطاً محضاً فقد مر في قوله: «مطلقاً» سواء تعلق به غرض أم لا؛ لتوقف المشروط على شرطه.
  (و) البراء يتقيد (بموت المبرئ(١)) فإذا قال: «أبرأتك بعد موتي(٢)، أو: إذا مت فأنت بريء» (فيصير) هذا البراء (وصية) ينفذ من الثلث، ويبطل بالاستغراق، وإذا أجاز الورثة نفذ من رأس المال. إلا أنه يخالف الوصية في أنه لا يبطل بموت المبرأ - بفتح الراء - قبل موت المبرِئ - بكسرها -، ولا يبطل بقتل المبرأ - بالفتح - للمبرِئ - بالكسر - عمداً، ولا يصح الرجوع عنها باللفظ، ويصح بالفعل كسائر الشروط، والحمد لله رب العالمين.
(١) في المخطوطات: بالموت. والمثبت لفظ الأزهار.
(٢) ينظر في ذلك، إلا أن يعرف من قصده الوصية. (é) (من هامش شرح الأزهار ٨/ ٧١٣).