(فصل): [في ذكر طرف من أحكام الإبراء]
(فصل): [في ذكر طرف من أحكام الإبراء]
  (و) من أحكام الإبراء: أن من في ذمته لغيره دين فإنه (يعمل بخبر العدل) له (في إبراء الغائب) من دينه الذي عليه لذلك الغائب، فإذا أخبر أن فلاناً أبرأك مما عليك - جاز له العمل بذلك الخبر، فيتأخر عن القضاء ولا حرج؛ بشرط أن يكون ذلك المخبر عدلاً، وسواء حصل ظن بصدقه أم لا، إلا أن يظن كذبه. فإن لم يكن عدلاً لم يعمل بخبره وإن حصل له ظن بصدقه. وإذا طالب من له الدين بماله وجب دفعه إليه؛ لأنه ينكشف كذب المخبر، إلا أن يقيم من عليه الدين شهادة كاملة بالإبراء عمل بها مع الحكم إن ترافعا (لا) أنه يعمل بخبر العدل في (أخذه) يعني: في أخذ الغير مال الْمُخْبَر، فلو أخبر مخبر غيره أن فلاناً أخذ عليك من مالك كذا لم يجز للمخبَر أن يعمل بذلك الخبر فيحتسب قدر ذلك المأخوذ من دين عليه للآخذ ولو كان ذلك المخبر شهادة كاملة، إلا أن ينضم إليها حكم حاكم بشرطه، وهو أن يكون المحكوم عليه متمرداً أو غائباً. وفرق بين الإخبار بالإبراء فيعمل به وبالأخذ فلا يعمل: أنه في الإبراء إخبار بسقوط واجب، وهو يعمل به فيه، وفي الثاني - وهو الأخذ - بفعل محظور، وهو أخذ الغير لمال المخبَر، فلا يعمل به فيه. ويقال أيضاً في الفرق: إنه في الأول إخبار عن رب المال، وهو يعمل بالظن في مال الغير، وفي الثاني - وهو الأخذ(١) - إخبار عن غيره، وهو لا يعمل به في ذلك، والأول في الفرق أولى وأشفى في تحصيل الفرق وظهوره، فتأمل.
  (و) اعلم أنه (لا يصح) الإبراء (مع التدليس بالفقر) ونحوه، فإذا دلس المبرأ - بفتح الراء - على المبرئ أنه فقير أو هاشمي أو فاضل أو ورع أو نحو ذلك فأبرأه لأجل ذلك الفقر أو نحوه فإنه لا يصح البراء، (و) كذا (حقارة الحق) لو دلس على المبرئ أن الدين الذي عليه حقير فأبرأه لذلك فانكشف خلافه وأن الحق
(١) في المخطوطات: في الأخذ.