تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب والإبراء)

صفحة 205 - الجزء 6

  معنى للرد، فإذا قال المبرَأ - بفتح الراء - وهو في مجلس الإبراء: «رددت الإبراء، أو أبطلته، أو رفعته» بطل، وكذا الامتناع، نحو: «لا حاجة لي فيه» إن جرى به عرف، فإن لم يجر به عرف أنه رد لم يكن رداً. هذا حيث لم يتقدم من المبرأ سؤال بالإبراء، أو قبول للإبراء [بعد الإبراء]، فأما بعد أحدهما فلا معنى للرد وقد صح [الإبراء] ولو رد في المجلس، فافهم.

  (غالباً) يحترز من الإبراء من الحقوق المحضة كحق الشفعة والخيار ونحوهما فإنها لا معنى لردها، فيصح الإبراء منها ولو رد الإبراء فلا حكم لرده وقد برئ.

  فَرْعٌ: ولا يصح [الإبراء] عما ليس في الذمة، كحق المسيل والاستطراق، وحق وضع الخشب ونحوها؛ لأن محلها العين دون الذمة، ولذلك بقي استحقاقها مع اختلاف مالك العين، بخلاف الشفعة ونحوها فإنها مع تعلقها بعين مخصوصةٍ ثابتةٌ في الذمة؛ ولهذا يجب على من هي عليه التسليم؛ ولذا أيضاً قلنا: إن الشفعة تملك بعقد البيع السابق. وبهذا الفرع انجلى التنظير السابق⁣(⁣١)، فتأمل.

  (و) الإبراء من الدين ونحوه (لا يعتبر فيه القبول) بل يبرأ من هو عليه بنفس الإبراء وإن لم يقبل حيث لم يرد كما مر (كـ) الإبراء من (الحقوق المحضة) كحق الشفعة والخيارات والقصاص والدعوى واليمين والضمانة (إلا في العقد) فإنه يفتقر إلى قبول. وتلحقه الإجازة، ويصح من الأخرس بالإشارة، وبالكتابة والرسالة، فإذا قال: «أبرأتك على أن تدخل الدار» فقبل في المجلس برئ، أو مجلس بلوغ الخبر في الغائب، وإن لا يقبل لم يصح الإبراء ولو في الحقوق المحضة من الشفعة وغيرها، ولعله في الشفعة بعد الطلب وإلا فقد بطل⁣(⁣٢) بالتراخي.

  فائدة: العقود تنقسم إلى: ما يحتاج إلى قبول ويبطل بالرد، وهو البيع والإجارة والهبة والنكاح والكتابة والخلع، وإلى: ما لا يحتاج إلى قبول ولا يبطل


(١) على قوله: «إسقاط للدين» في أول الباب، فتأمل. من هامش المخطوطات.

(٢) أي: حق الشفعة، وفي هامش شرح الأزهار (٨/ ٧٢٣): بطلت.