(باب والقضاء)
  أبي بكر، ذكره الجندي(١). وبعث ÷ معاذاً للحكم في اليمن، وقال له رسول الله ÷: «بم تقضي؟» قال: بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد؟» قال: فبسنة(٢) رسول الله، قال: «فإن لم تجد؟» قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فقال: «الحمد الله الذي وفق رسول رسوله»، وقد أخذ من حديث معاذ أحكام عديدة مذكورة في مظانها.
  واعلم أن القضاء من أعظم القرب عند الله تعالى، فهو(٣) من فروض الكفايات، وهو أفضل من الجهاد، وإنما كان أفضل من الجهاد لأن القضاء لحفظ الموجود من الإسلام، والجهاد لطلب الزيادة، وحفظ الموجود أفضل، وذلك حيث يكون بالغزو إلى ديار الكفار، لا للدفع عن بلاد الإسلام(٤). وقد ورد في القضاء ترغيب وترهيب، قال ÷: «ليوم واحد من حاكم عدل أفضل من عبادة ستين سنة»، وفي رواية أخرى: «لأجر [حاكم(٥)] عدل يوماً أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة»، وحديث ابن مسعود أن رسول الله ÷ قال: «لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلاكه في الحق» أخرجه البخاري ومسلم، ومن حديث ابن عمر قوله ÷: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا(٦)»،
(١) في المخطوطات: الحيدري. والمثبت هو الصواب كما في هامش شرح الأزهار (٩/ ١٦). والجندي مؤرخ يمني من الجند، له كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك، وهو المنقول منه ما هنا كما في شرح الفتح.
(٢) في (أ): بسنة.
(٣) في هامش شرح الأزهار (٩/ ١٥): وهو.
(٤) لفظ هامش شرح الأزهار: لا إن كان دفاعاً فهو لحفظ النفوس والأموال.
(٥) ما بين المعقوفين من البيان (٦/ ١٣٣) وهامش شرح الأزهار (٩/ ١٥).
(٦) في المخطوطات: الذين يعدلون ويحكمون. والمثبت من صحيح مسلم وسنن النسائي ومسند أحمد، وفي البدر المنير: «عن يمين العرش، وكلتا يديه يمين، وهم الذين يعدلون في حكم أهليهم وما ولوا»، وقال فيه: ومن ذلك ما روي عنه ÷: «وكلتا يديه يمين» قال الإمام أحمد بن عيسى: المعنى بذلك ملك الله وقدرته. وكذلك نقول كما قال # في تأويلها ولا نكذبها؛ لأن لها محملاً صحيحاً مع التأويل.