(باب والقضاء)
  الجنة يوم القيامة» يعني: ريحها، والمراد عدم دخولها، وهذه من الكنايات، وهذا محتمل أن يقصد بذلك أمراً مذموماً(١)، لا لطلب ما لا بد منه فسيأتي.
  (ويندب ويكره ويباح ما بين ذلك) يعني: ما بين الواجب والمحظور (حسب الحال) المقتضي لذلك من ندب أو غيره، أما الندب فله صورتان: أحدهما: أن يكون غيره قائماً مقامه في القضاء إلا أنه خامل [الذكر] فيريد بذلك إظهار علمه لينتفع به الناس.
  الثانية: أن يقوم غيره مقامه وبه زيادة استظهار في أمور المسلمين؛ بأن يكون من أهل البلد أو نحو ذلك.
  والمكروه أن يقوم غيره مقامه ولا مأرب بدخوله في القضاء من أحد الأمرين المتقدمين من الندب: من أن يكون خامل الذكر يريد إظهار علمه ليعلم الناس، وليس به زيادة استظهار، وتزداد الكراهة إذا كان مشتغلاً بتدريس أو جهاد ويصده القضاء أو ينقصه.
  وأما المباح فبأن ينوب غيره منابه في ذلك وهو واثق من نفسه بالعلم والعمل فيدخل في ذلك لطلب ما لا بد منه من الرزق، وهو فقير، فهو يباح له ذلك.
  إن قيل: القضاء من فروض الكفايات، فمن دخل فيه وغيره يقوم مقامه فقد قام بفرض ولو قد دخل غيره فيه وهو يقوم مقامه كصلاة الجنازة بعد الدخول فيها، فمن دخل بعد ذلك فهو لا يخرج من كونه قائماً بواجب، فكيف قلتم: إن القضاء يكون مكروهاً أو مباحاً؟ وحكم الإمامة كالقضاء في هذه الخمسة الأحكام.
  قلت: كلام أهل المذهب في طلب القضاء وإرادته قبل الدخول، لا بعده فيثاب ثواب واجب عيناً أو كفاية، كما ذكره في شرح الأثمار.
  (وشروطه) يعني: القضاء، أمور ستة: الأول: (الذكورة) فلا يصح أن يكون
(١) لفظ هامش شرح الأزهار (٩/ ١٧): وهو يحتمل التوجيه بأن الذم في حق من طلبه لطلب مذموم الدنيا.