(باب والقضاء)
  فالأول قوله: إن (كانا باقيين) الحاكم الأول والثاني بأن يكونا حيين، فلو مات الأول لم يصح أن يتولى الثاني الحكم فقط، بل يستأنف الدعوى من أصله.
  (و) الثاني: أن تكون (ولايتهما) باقية، فلو عزل أحدهما لم يكن للآخر أن يتولى ذلك إتماماً، بل يستأنف.
  الثالث: أن يكون بينهما في البلد بريد، فلو كانا في بلد واحد لم يكن للثاني أن يتولى الحكم فيما قامت الدعوى والشهادة فيه عند الأول إلا لعذر كالإرعاء في الشهادة. فهذه الثلاثة الشروط تختص الحكم، وأما التنفيذ فلا يعتبر شيء منها في ذلك، بل يتولى الثاني التنفيذ ولو كان الأول قد مات أو بطلت ولايته أو كانا في بلد، فتأمل.
  فهذه ثلاثة شروط مضافة إلى الخمسة فتكون ثمانية في الحكم، والتاسع معتبر فيهما، وهو: (أ) ن (لا)(١) يكون ذلك التنفيذ (في الحد) الشرعي (و) كذا (القصاص) في النفس وفيما دونها؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات، وهو يتجوز لو تولى الحاكم الأول لظهر له شبهة؛ لتقادم عهده في ذلك، ولاستفصاله الأمر من أوله، ولأنه يعتبر في ذلك أن يحضر الحاكم أو مأموره، (و) كذا (المنقول الموصوف) فلا يتولى الثاني الحكم ولا التنفيذ فيما قد حكم به الحاكم الأول في المنقول ولو كان موصوفاً؛ لأن الغالب على المنقول ولو كان موصوفاً عدم انضباطه بالوصف، فإذا انضبط أو اشتهر باسم لا يعرف بغيره حتى لا يلتبس بذلك الوصف لغيره جاز أيضاً ويكون كغير المنقول، وكذا لو كان المنقول مما يثبت في الذمة كعوض خلع أو مهر فيصح أن يتولى الحاكم الثاني التنفيذ في ذلك والحكم أيضاً؛ لأنه صح مجهولاً من أول الأمر، فيأمر الحاكم بتسليم ذلك المجهول المحكوم به أو يحكم به، فتأمل، والله أعلم.
  (و) اعلم أنه يجوز للحاكم وكذا الإمام (إقامة) شخص مسلم ولو كان (فاسق) أمن(٢) بشرط أن يكون ذلك (على معين) كحد وضرب معروف عدداً
(١) لفظ الأزهار: إلا.
(٢) كذا في المخطوطات.