تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب والقضاء)

صفحة 238 - الجزء 6

  الزوجية فإنها لا تحل في الباطن، ولها أن تدافع الزوج ولو بالقتل. وكذا ما كان فيه سبب محرم كأن يحكم بزوجية امرأة وتبين أنها رضيعة بمجمع عليه في الرضاع أو كافرة محرمة إجماعاً فإن الحكم لا ينفذ في الباطن.

  (و) اعلم أنه (يجوز) ولا يجب (امتثال ما حكم به) الحاكم بين الخصوم⁣(⁣١) وكذا ما أمر به غيره أن يفعله (من حد) كقطع يد سارق أو جلد زانٍ أو رجم محصن أو قتل قصاصاً أو حداً (و) كذا (غيره) يعني: غير الحد، كالقصاص والتعزير ونحوهما، فإذا قال الحاكم لشخص: «افعل كذا» من هذه الأمور، أو شهد عدلان للفاعل أن الحاكم قد أمره بذلك الفعل - فإنه يجوز له فعله ولا يجب؛ إذ ليس كالإمام في وجوب امتثال أمره في هذه الأمور على الصحيح، (ويجب) ذلك الفعل الحد أو غيره (بأمر الإمام) له بذلك، والمراد بذلك حيث تنفذ أوامر الإمام، لا في بلد لا تنفذ أوامره فيه فإنه لا يجب امتثال ما أمر به.

  والفرق بين الإمام والحاكم: أن الإمام نائب عن الله تعالى على عباده، بخلاف الحاكم فهو نائب عن الإمام، فكان أمر الإمام للآحاد بذلك أمراً من الله تعالى، بخلاف الحاكم فهو أمر من الإمام، فتأمل.

  (إلا في) أمر (قطعي) وهو (يخالف مذهب الممتثل) له فإنه لا يجوز له امتثال أمر الإمام بذلك، كبيع أم الولد ونكاح المتعة والشغار كما مر (أو) علم المأمور بـ (الباطن) والإمام لم يعلم إلا بالظاهر فأمر بحسب ذلك الظاهر فإنه لا يجب على المأمور الامتثال، بل لا يجوز؛ لأن عنده لما كان عالماً بالباطن أن ذلك الفعل محرم، كأن تقوم شهادة على شخص أنه سرق من محل كذا يوم كذا في وقت كذا وتلك الشهادة شهدت زوراً عليه؛ بأن يعلم المأمور أن المشهود عليه في ذلك الوقت لا يتقدر منه الفعل رأساً، بأن كان في محل نازح عن ذلك المكان بمسافة بعيده يعلم ذلك قطعاً، أو صغيراً أو نحو ذلك من الأمور التي لا يتقدر الفعل مع حصولها،


(١) أما المتخاصمين فيجب± عليهما امتثال ما أمر به مطلقاً؛ لدخول أمرهم في ولايته. (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٥٢).