(باب والقضاء)
  ذكر هنا، ومثاله: أن يحكم هدوي ببيع أم الولد ولا يذكر كونها قطعية في مذهبه وأنه محرم، فينفذ الحكم، ويكون الخلاف في كون المسألة قطعية أو اجتهادية مصيراً للمسألة اجتهادية في نفوذ الحكم فيها مع الخطأ وإن كان مذهبه أنها قطعية، فتأمل.
  (ويتدارك) وجوباً، وذلك (في العكس) من الصورة الأخيرة، والمراد بالعكس أن تكون قطعية ويعلم كونها قطعية وحكم بخلاف مذهبه خطأ، فصورته: أن يعلم أنها أم ولد وأن الدليل في أم الولد قاطع، ولا يعلم هل ذلك في النفي أم في الإثبات، فإذا حكم ببيعها مع ذلك وجب عليه أن يتدارك ذلك ويسترجعها من يد المشتري بما أمكن، وذلك بما لا يجحف، ويكون الضمان والتدارك في هذه الصورة من بيت المال (فإن تعذر) التدارك بوجه (غرم) القاضي للمحكوم عليه، وتكون الغرامة (من بيت المال)؛ لأنه للمصالح، وما لزم القاضي بهذا الوجه فهو من المصالح، فإن لم يكن بيت مال ضمن القاضي من ماله، وإذا نوى الرجوع على بيت المال رجع بذلك متى وجد بيت مال ولو في زمن إمام آخر.
  (و) اعلم أن (أجرته) يعني: القاضي على القضاء يجب أن تكون (من مال المصالح) وقد جمع مال المصالح في قوله:
  مال المصالح سبعة مذكورة ... فيء وصلح جزية وخراج
  ومظالم مجهولة وضوالهم ... لقط وخمس كلها تحتاج
  فيعطى أجرته من ذلك سواء كان فقيراً أم غنياً، ويعطى قدر كفاية السنة هو ومن يعول، وسواء أغنى عنه غيره من سائر الناس أو قد تعين عليه القضاء بتعيين الإمام أو لعدم غيره فلا يحرم أخذ الأجرة لتعين ذلك عليه، وقد جاء أن أمير المؤمنين كرم الله وجهه جعل للقاضي شريح حين ولاه القضاء في الكوفة في كل شهر خمسمائة درهم، وروي عنه ÷ أنه بعث عتاب بن أسيد إلى مكة قاضياً ورزقه في كل سنة أربعين أوقية، وهي ألف وستمائة درهم.
  (و) أجرة (منصوب الخمسة) على أصل المؤيد بالله وحاكم الصلاحية على أصلنا تكون (منه) يعني: من مال المصالح (أو ممن في) بلد (ولايته) من سائر