تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب والقضاء)

صفحة 248 - الجزء 6

  الناس على وجه لا يورث تهمة، وذلك يكون على أحد وجهين:

  الأول: أن يجمعوا له في غير محضره بحيث لا يعلم من أعطاه ولا من لم يعطه ولا من أعطاه قليلاً أو كثيراً.

  الوجه الثاني: أن يفرض له قدر معلوم⁣(⁣١) على كل بالغ عاقل منهم [على] سواء، ويكون برضاهم الجميع. فإن تفاوتوا في قدر ما يعطي كل واحد منهم فلا بد أن يكون على وجه لا يعلم من أعطاه الكثير أو القليل؛ لأنها ربما طمحت نفسه إلى محبة من أعطى أكثر، والعكس [في غيره]⁣(⁣٢).

  (و) اعلم أنه (لا يأخذ من الصدقة) إما بأن يعطيه الإمام أو من هو في بلدهم من المسلمين فإنه لا يأخذ منها (إلا) بأن يكون مصرفاً لها (لفقره) وإيمانه وكونه غير هاشمي وغير ذلك من الشروط المعتبرة في المصرف، والله أعلم.

  فَرْعٌ: واعلم أنه يجوز للحاكم وكذا الإمام أخذ الأجرة من المتخاصمين إليه على قبالة الحكم وكذا قبالة الفتوى - ونعني بذلك على كتابته لذلك وقصاصته على الغرماء - ولو كان الإمام قد فرض له من أجرته من بيت المال ما يكفيه، وإنما يجوز له أخذ ذلك إذا كان قدر أجرة مثله على مثل ذلك العمل غير قاض، ويعرف ذلك أن يقدر لو كان غير قاض لأخذ على ذلك هذا القدر، وما عدا ذلك فهو محرم؛ لأنه يأخذه على أحد وجهين: إما من دون طيبة نفس الدافع إليه فيكون من أكل مال الناس بالباطل، فهو ظلم وتقدح به العدالة، وإن كان بطيبة من نفس الدافع فهو رشوة لا يحل أخذها، تقدح بها العدالة أيضاً، جاء عنه ÷: «لعن الله الراشي والمرتشي»، ويشكل عندي أخذ أجرة المثل على الكتب للحكم والفتوى وهما إذا لم يتما إلا بذلك فذلك من تمام الواجب، وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله.


(١) لفظ البيان (٦/ ١٥٧): أن يفرضوا له شيئاً معلوماً.

(٢) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار (٩/ ٦٧).