(فصل): يتضمن بيان حد الزاني (و) حقيقة (الزنا وما في حكمه)
  مَسْألَة: من لزمته حدود مختلفة لم يدخل بعضها في بعض، بل تقام كلها، ويقدم حد القذف - لأنه حق لآدمي - ولو تأخر سببه عن سبب غيره، فهو يخالف الدين فهو يقسط سواء لدين(١) الله ودين الآدمي، ويقدم حد الزنا والشرب على القطع؛ لأنهما أخف، وينتظر البرء بعد كل واحد(٢)، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
(فصل): يتضمن بيان حد الزاني (و) حقيقة (الزنا وما في حكمه)
  أما حقيقة الزنا فقد جعل له الإمام ¦ عقداً ضابطاً له، وهو قوله: (إيلاج فرج في فرج حي محرم) فقوله: «إيلاج» ليخرج الاستمتاع، وقوله: «فرج» ليخرج إيلاج الإصبع ونحوها، فمهما كان فرجاً ولو لف عليه بخرقة، ولا بد أن يكون في فرج، لا إن كان في فم أو إبط، ويعتبر أن يكون الفاعل والمفعول به حياً لا ميتاً، ويعتبر أن يكون محرماً ليخرج وطء الزوجة والمملوكة، فهذه القيود معتبرة في الفاعل والمفعول به، ومهما اجتمعت فهو الزنا، إن كان في قبل امرأة فهو الزنا، وإن كان في غير ذلك فهو الذي في حكمه؛ ولذا قال #: (قبل أو دبر) فهو في حكم الزنا يوجب ما أوجبه. وأقل الزنا ما يوجب الغسل. فإن اختل أحد هذه القيود لم يجب على الفاعل حد، بل تعزير فقط؛ وذلك بأن لا يكون إيلاجاً بل استمتاعاً، أو لا يكون المولج فرجاً، أو لا يكون في فرج، أو لا يكون المولج فيه حياً، أو لا يكون المأتي محرماً، بل يحل وطؤه وإن كان في غير موضعه أو فيه، بأن يكون في الدبر أو في حال الحيض فذلك كله يوجب التعزير، فافهم.
  ويعتبر أن يكون ذلك الوطء المحرم (بلا شبهة) فيه للواطئ، فإن كان له شبهة لم يحد، كأن يطأ الأب أمة ابنه فإنه يعزر فقط، وذلك مع العلم لا مع الجهل، وكذا نحوها، وذلك الثماني الإماء كما مر في موطنه.
  فَرْعٌ: ولو استدخلت المرأة فرج أتان حدت كما لو وطئ الذكر بهيمة، ولا يعتبر
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) لفظ البيان (٦/ ١٨١) وهامش شرح الأزهار (٩/ ٩٠): كل حد.