تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب حد السارق)

صفحة 324 - الجزء 6

  الإنسان بهيمة وعكسه أو أنه يركب الجمادات فيسيرها ويجعلها إنساناً، وكذا من يدعي جعل الحبال حيات كسحرة فرعون، وكذا القول في ادعائه الجمع والتفريق بين الزوجين، والبغض والمحبة، وقلب الأعيان كالحديد ذهباً من دون تركيب، وكذا إذا ادعى تحريك الجمادات من غير مباشرة ولا متولد من مباشرة، فمن فعل شيئاً من هذه كفر؛ لأنه كادعاء الربوبية؛ إذ هذه الأشياء لا يفعلها إلا الله سبحانه وتعالى.

  فَرْعٌ: لو ادعى الساحر أنه قد قتل بسحره أو أعنت فلعله لا يضمن؛ إذ لا تأثير للسحر، وإنما التأثير من الله سبحانه وتعالى إذا أراد امتحان العبد وابتلاءه، ويدل عليه قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}⁣[البقرة ١٠٢]، ولأن الله سبحانه وتعالى سماه خيالاً حيث قال: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ٦٦}⁣[طه].

  فَرْعٌ: ويحرم تعلم السحر إلا للحذر منه أو ليداوي من أصيب من جهته أو ليعرفه من دون عمل به، وقد قال بعضهم:

  عرفت الشر لا للشر ... لكن لتوقيه

  ومن لايعرف الشر ... من الناس يقع فيه⁣(⁣١)

  (لا) المشعبذ، وهو الساحر (المعترف بالتمويه) وأنه لا حقيقة لما يفعله من السحر وأنه خيال فقط، كقلب الجماد حيواناً ونحو ذلك - فإنه لا يقتل؛ لأنه لا يكفر إلا باعتقاد، فإذا قد اعترف بأنه تمويه وتعمية فلا كفر فلا يجوز قتله، ونحو أن يمشي على يديه ورجلاه في الهواء أو حبل مرتفع أو نحو ذلك مع الاعتراف بأنه خيال (و) يجوز (للإمام) بل يجب على الإمام أو غيره من أهل الولايات (تأديبه) يعني: المشعبذ بحبس أو غيره ليترك ذلك الفعل ولو اعترف بالتمويه، فتأمل، والله أعلم.


(١) في المخطوطات: ومن لم يعرف الخير من الشر يقع فيه. والمثبت من هامش الكشاف.