(فصل): في بيان ماهية التعزير، ومن يعزر، وبما يعزر
  البستان فنلت منها ما ينال الرجل من امرأته ما خلا الجماع، فقال: «توضأ وصلِّ معي، إن الحسنات يذهبن السيئات» فعفا عنه ÷، وذلك محمول على أنه قد تاب من معصيته؛ ولذا أخبر رسول الله ÷ كالسائل، بل سائل ما هو من تمام التوبة، فأخبره رسول الله ÷ بالصلاة، ويقرب أن يكون إجماعاً في أنه يسقط بعد التوبة؛ لكثرة الإساءة من الناس فيما بينهم، ولم يعلم أن أحداً طلب تعزير من اعتذر إليه(١) واستغفر، ولا من أقر بأنه قارف ذنباً خطأ ثم تاب منه، ولاستلزامه تعزير أكثر الفضلاء؛ إذ لم يخل أكثرهم عن مقارفة ذنب وظهوره في فعل أو قول.
  (و) الذي يقع به التعزير (هو) إما (حبس) لفاعل المعصية؛ لفعله ÷ في قوم اتهمهم، وفعل أمير المؤمنين في الدعار (أو إسقاط عمامة) المرتكب فهو يكون تعزيراً في حق أهل الرئاسات والفقهاء، وهو كافٍ. ومن ذلك الترك الذي يوجب الإهانة، وذلك ترك المخالطة أو رد السلام عليه، والمنع من ذلك، وترك الدخول عليه، ومنعه من الوظائف التي(٢) له من بيت المال وغيره (أو عتل) وهو الجذب بعنف مع القبض بتلابيبه، وهو مجمع الثوب عند النحر (أو ضرب دون حد) كلطمة ولكزة أو ضرب بعصا أو سوط أو درة، وهي شيء يتخذ من الجلود ذو طبقات أربع. لا جز لحيته، ولعل مثله شعر الرأس(٣)، ولا خراب دار أو إحراق زرع أو عقره أو الأشجار؛ لأن الصحابة لم تفعل ذلك، ولعله تجوز العقوبة بأخذ المال أو إتلاف كما يأتي بوجهه.
  وضابطه: أن التعزير إلى ذي الولاية ما رأى عقوبة بقدر الذنب مؤدياً للزجر عنها(٤) فعله.
(١) في المخطوطات: تعزيراً من أحد اعتذر إليه. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ١٧٩).
(٢) في المخطوطات: الذي.
(٣) وفي البيان (٦/ ٢٥٤) في تعداد ما يعزر به: أو جز رأس±.
(٤) كذا في المخطوطات.