(باب) الأذان والإقامة
  لم يجز تقليده في ذلك الذي قد ظن خطأه [فيه]. وأما من يوقت بسير(١) الفلك فإنه لا يجوز تقليده.
  وإنما يقلد البصير في الوقت حيث يكون أذانه (في) حال (الصحو) بحيث لا تستتر في تلك الحال علامة ذلك الوقت بالغيم، فإن لم يكن صحوًا، بل كان غيمًا بحيث لا يعرف زوال الشمس أو لا يعرف الكوكب أو طلوع منتشر الفجر - فإنه لا يُقلد في أذانه على تلك الحال، إلا أن يخبر أنه أذن عن علم لا عن تحرٍّ فإنه يجوز تقليده في دخول ذلك الوقت؛ لكونه أذّن عن علم. ويعتبر شرط ثانٍ في تقليده، وهو: أن يكون أذانه في وقت مجمع على [علامة](٢) دخول الوقت فيه - كدخول وقت الظهر، وفي المغرب بعد رؤية كوكب ليلي، وفي الفجر بعد طلوع المنتشر - أو يكون موافقاً للمقلّد له في المذهب، بأن يكون مذهبهما واحدًا في علامة دخول ذلك الذي أذن لدخوله، وأما إذا كانا مختلفين في المذهب فإن ذلك السامع لا يقلد ذلك المؤذن المخالف له في مذهبه؛ إذ لا يأمن أن يكون أذانه بعد دخول الوقت عند المؤذن، والسامعُ لا يرى ذلك أمارة صحيحة في مذهبه لدخول ذلك الوقت، كما لو كان المؤذن شافعياً في الفجر أو المغرب، فلا يقلده الهدوي في ذلك؛ لاختلاف مذهبهما.
  فقد ظهر لك هنا شروط ثلاثة في تقليد المؤذن: أن يكون بصيراً، وأن يكون في الصحو، وأن يكون ذلك الوقت مجمعاً عليه أو متفقاً مذهبهما.
  فائدة: وإذا أراد المؤذن الأذان في وقت غيم: فإن كان قد حصل له العلم بدخول الوقت جاز له أن يؤذِّن، وإلا يحصل له علم بل يريد أن يؤذن بالتحري فإن عرف أن أحداً لا يقلده في دخول ذلك الوقت جاز له أيضاً الأذان بالتحري، وإن كان أحد يقلده لو سمعه يؤذن في ذلك الوقت من العوام لم يجز له؛ لأن في ذلك حملَ الغيرِ على ظنه بدخول الوقت، وتغريرًا على السامع العامي بدخوله بدون علم، فلا يجوز، والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله، آمين.
(١) صح شرح.
(٢) ساقط من (ج).