(فصل): في بيان حكم قاتل الجماعة أو الجاني عليهم بغير النفس
  فَرْعٌ: وإذا طلب أحدهم القود والآخرون الدية لزم ذلك، ولا يسقط أحدهما باختلاف الاختيار من أولياء الدم.
  فَرْعٌ: (و) الواجب على القاتل للجماعة أن (يحفظ نفسه حتى يجتمعوا) لقتله عن كل من قد قتل من مورثيهم، ولا يجوز له أن يمكن من قتل نفسه ورثة بعض أولياء الدماء دون بعض، وله المدافعة لو طلبه بعضهم عن نفسه ولو بالقتل؛ لأن فعله محظور؛ لأنه قد تعلق بدمه حق لكل أحد ممن قتله، فليس له أن يسلمه لبعض دون بعض حتى يجتمعوا أو يوكلوا من يستوفي منه للجميع مع حضورهم.
  (لا قالع أعينهم) يعني: لا قالع أعين جماعة فليس كالقاتل لجماعة (فـ) الواجب عليه في الأعين (القصاص) بعينه لهم جميعاً (و) يلزمه أيضاً (ديات) الأعين (الباقيات) وتكون الديات محصصات لهم جميعاً على قدر رؤوسهم حيث قد اجتمعوا في قلع عينه، وأما لو اقتص أحدهم بالعين دون الآخرين فالديات للآخرين دون المقتص.
  والفرق بين النفس والأطراف: أن النفس لا يمكن تبعيضها، فإذا اجتمعوا في قتله فقد استوفى كل واحد [منهم] ما يجب له، وأما سائر الأطراف فيمكن تبعيضها؛ لأن الواحد قد يقطع بعض العضو ويتمه غيره، فإذا اجتمعوا على قطع يده أو قلع عينه قصاصاً فلم يستوف كل واحد منهم حقه، بل بعضه. ويقال أيضاً في الفرق: إن الذمة(١) باقية مع الاقتصاص بالعين فتبقى الدية بذمته متعلقة بها، بخلاف القتل فلم تبق الذمة ليتعلق بها الحق من الدية، والله أعلم.
  (و) يجب (في) قطع العضو (الأيمن) أن يقطع من الجاني قصاصاً عضوه (الأيمن) والأيسر بالأيسر، فإذا قطع يده أو رجله أو عينه اليمنى أو اليسرى قطع من الجاني مثلها (ونحو ذلك) وهو الأسفل بالأسفل، والأعلى بالأعلى، كالشفاه
(١) في المخطوطات: الدية. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ٢٠٩).