تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان حكم قاتل الجماعة أو الجاني عليهم بغير النفس

صفحة 349 - الجزء 6

  العضو الذي قطعه أولاً، وسواء كان المقتص في مخالفته للمشروع عالماً بأن سيخالف المشروع بقطعه ذلك العضو أم جاهلاً؛ إذ هو عمد وإن ظن الاستحقاق، كمن قتل غير قاتل مورثه ظناً منه أنه القاتل له فإنه يقتل به، ويقتل قاتل مورثه بقاتله⁣(⁣١)، فتأمل. وإن تساقطا في دية اليدين فهو الأولى لهما والأحسن وأبعد عن إذهاب جوارحهما، وليس ذلك بحتم عليهما، حتى لو طلب أحدهما [الاستئناف] لزم له، ولمن لم يطلب الدية. وإنما لم يقع التساقط في القصاص وفي حد القذف⁣(⁣٢) كما يقع في الأموال لأن القصاص وضع للتشفي، وحد القذف مشوب بحق الله تعالى، ولأن القصاص متعلق بالعين لا بالذمة، بخلاف الدين، فافهم، والله أعلم.

  (قيل) هذا القول لأصحاب الشافعي (: و) هو أن (لمن هشم) عظمه (أن يوضح) عظم الجاني (و) يأخذ من الجاني ما زاد على الإيضاح، وهو (أرش الهشم) فقالوا: في الهاشمة عشر من الإبل، وفي الموضحة خمس، فالمجني عليه مخيّر إما وهشم⁣(⁣٣) وإما وأوضح العظم وأخذ أرش الهشم، وذلك خمس. والمختار أن الجناية الواحدة بالضربة الواحدة لا تتبعض، فليس للمجني عليه اقتصاص في بعض وأخذ الأرش في بعض، فذلك يؤدي إلى أن يجتمع على الجاني غرمان في ماله وبدنه في جناية واحدة.

  نعم، فإن كان ذلك بفعلين بأن أوضح بالفعل الأول وهشم بالفعل الثاني فالمقرر أن ذلك جنايتان، فللمجني عليه أن يوضح ويأخذ أرش هاشمة كاملاً، وذلك عشر من الإبل، لا كما قال أصحاب الشافعي: أرش الهشم فقط. وكذا أيضاً لو كانت الجناية في محلين ولو بفعل واحد، كأن يضربه ضربة واحدة قطع بها أصبعيه فإن


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) المراد حيث قذف كل واحد الآخر فلا يتساقطان. (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٢١٢).

(٣) كذا في المخطوطات. والصواب: إما أخذ العشر وإما ... إلخ، ولفظ شرح الأزهار (٩/ ٢١٤): مثاله أن يستحق في الهاشمة عشراً من الإبل، فإن شاء أخذها وإن شاء أوضحه وأخذ خمساً.