تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان حكم قاتل الجماعة أو الجاني عليهم بغير النفس

صفحة 351 - الجزء 6

  وكذا لا قصاص أيضاً في كسر السن؛ لعدم إمكان معرفته أيضاً، فهو يخالف قلعها من أصلها.

  فَرْعٌ: وأما إذهاب⁣(⁣١) البصر مع بقاء العين فيجب القصاص فيه؛ لإمكان إذهاب البصر مع بقاء العين، وذلك بأن يترك قطن على الأخرى وتقرب مرآة محماة من العين ليقتص منها فإنه يذهب بصرها، أو وضع كافور فيها فإنه يذهب بصرها، وهذا فعل أمير المؤمنين كرم الله وجهه، روي أن أعرابياً قدم بجلوبة إلى المدينة فساومه غلام عثمان، فتنازعا، فلطمه وأذهب ضوء عينه، وقال له عثمان: هل لك أن أضاعف لك الدية وتعفو عنه؟ فأبى، فدفعهما إلى أمير المؤمنين كرم الله وجهه، فدعا بمرآة فأحماها، ثم وضع القطن على العين الأخرى وأخذ المرآة بالكلبتين فأدناها من عينه حتى ذهب ضوؤها، فلله در أمير المؤمنين! فلقد استولى على العلوم بحذافيرها، ولا عجب، فمن كان باب مدينة علم المختار فهو حقيق باستيعاب صدره لكل الظواهر والأسرار، وعيبة العلم لا يكون إلا كذلك، وما يعتد⁣(⁣٢) في البواطن فوق ما هناك.

  (و) اعلم أنه إذا وجب على الشخص الرجم والقصاص فإنه يقدم القصاص على الرجم؛ لأنه حق لآدمي. ومن وجب عليه قصاصان في طرف ونفس فإنه (يقدم قصاص الأطراف على القتل) لإمكان استيفائهما بتقديم القصاص في الطرف، بخلاف العكس، فإذا جنى على جماعة أو على أحد بأفعال بقطع يد ثم رجل ثم أنف وقتل نفس فإنه يقدم الاقتصاص في أطرافه أولاً بقطع اليد والرجل والأنف، ثم يقتل عن النفس، ولا يعكس، وسواء تأخر موجب قتل النفس أو تقدم، وسواء كانت الجنايات على متعددين - بأن قطع رِجْلَ رَجُل ويد آخر ونفس ثالث - أو كان ذلك كله في شخص واحد، بأن قطع يده ثم رجله ثم أنفه ثم قتله، وكان يقع الفعل الثاني ولم يعلم موت المجني عليه بالأول.


(١) في المخطوطات: ذهاب. والمثبت من هامش شرح الأزهار (٩/ ٢١٦).

(٢) في (ب): يعيه.