(فصل): في بيان حكم قاتل الجماعة أو الجاني عليهم بغير النفس
  المقتص منه؛ لأنه لم يكن قد استوفى الاقتصاص(١) في الأطراف لما شرع بالنفس.
  ومنها: أن يقطع من شخص كف يده ومن آخر يده من الذراع فإنه يقدم الاقتصاص بالكف من المقتص منه، وسواء تقدمت الجناية على الكف أو هي المتأخرة، ويخير المجني عليه بقطعها من الذراع إما واقتص بالباقي - وذلك الساعد - [ولا شيء] وإلا أخذ دية الكف وحكومة للذراع. فإن تقدم صاحب الذراع أثم ولصاحب الكف ديتها من الجاني، لا من المقتص بالذراع.
  ومن صور التفويت: أن يقتل رجل جماعة فاقتص ولي أحد الجماعة دون الآخرين فإنه يأثم بذلك، وللآخرين الديات في مال الجاني لا المقتص.
  وقد ظهر لك أنه يقدم قصاص الأطراف على النفس، وسواء تقدم قتل النفس أو تأخر، ويقدم القصاص في الكف على الذراع، وسواء تقدم أو تأخر، فإن خولف أثم الفاعل ولا شيء عليه، فتأمل.
  (إلا) أن يكون المفوت حق الآخر هو (الشريك) له في الاقتصاص (فمن المقتص) الغرامة لشريكه ولا شيء على الجاني، كأن يكون للمقتول ورثة متعددون فاقتص أحدهم من دون حضور الآخرين ولا أمرهم فإنه يضمن لشركائه حصتهم من الدية، ولا شيء على ورثة المقتص منه، وفائدة عدم لزومهم(٢) لو أعسر المقتص فلا يرجع عليهم، وإن أبرأوا المقتص(٣) لم يبرأ؛ لأن الحق لغيرهم، وليس للشركاء في الدم مطالبة ورثة المقتول، بل يطالبون شريكهم؛ لأنه المفوت عليهم. هذا إن لم يأمروه، فإن أمروه بالاقتصاص ففعل فلا شيء عليه لهم؛ لإسقاطهم عنه حقهم بالأمر وإن كان آثماً بالاستيفاء مع عدم حضور
(١) في (ج): القصاص.
(٢) كذا في المخطوطات.
(٣) كذا في المخطوطات. ولفظ البيان (٦/ ٢٨٥) وهامش شرح الأزهار (٩/ ٢٢٠): وفائدة الخلاف تظهر في المطالبة من وارث الأول هل يطالب شريكه± القاتل أو يطلب ورثة المقتول الثاني، وفي البراء إذا أبرأ ذلك الوارث شريكه القاتل هل يبرأ™ أم لا، وفيما إذا أعسر هذا القاتل الثاني هل يكون لشركائه مطالبة ورثة القاتل الأول أم لا™.