(فصل): في بيان ما يسقط به القصاص وما يتوهم أنه مسقط وليس بمسقط:
  (و) الثاني: (تهدد المقتول أولاً) للقاتل، فإذا تهدده فقتله بعد تهدده فلا يسقط التهدد القود عن(١) القاتل، بل يقاد به، فإن خاف(٢) منه أن يقدم عليه فقتله لأجل دفعه فلا قود ولو لم يخش من إقدامه عليه إلا الألم فقط، لكن إذا لم يندفع عن ذلك الإيلام إلا بالقتل، وأما إذا كان يندفع بدونه فقتله فإنه يقاد به؛ لإمكان دون ذلك، وكذا لو خاف منه أنه يقتله لا محالة(٣) في الحال أو في المستقبل وهو لا يندفع إلا بالقتل جاز له ذلك، وقام الظن هنا مقام العلم [لأنه لا طريق إلى العلم](٤) - ولعله لا يكفي في إباحة دم المقتول - وأما عند المحاكمة فلا بد من الشهادة بقرائن الأحوال(٥) أن المقتول لو لم يدفع(٦) بالقتل لأقدم على القاتل بالقتل أو دونه.
  وإذا قد جاز له المدافعة بالقتل فإنه يسقط عنه القود والدية جميعاً.
  فَرْعٌ: فلو كان يمكن القاتل أن يسلم مما خاف منه من المقتول بالهرب لم يلزمه الهرب، بل يدافع عن نفسه ولو بالقتل ولو أمكنه الهرب، فتأمل.
  (و) الثالث: (مشاركة) القاتل (من يسقط عنه) القصاص، فلا يسقط عنه بمشاركة ذلك، كأن يشاركه صبي أو مجنون أو أب المقتول فإنه يلزم العاقل الأجنبي القود، والمشارك من الصبي أو المجنون أو الأب نصف الدية؛ إذ ذلك في مقابلة فعله(٧)، وهو مجموع فعل من يسقط عنه ومن لا يسقط، فكل واحد نصف؛ لما كانا قاتلين جميعاً كما مر بالمباشرة أو نحوها.
  وإذا كان المشارك للأجنبي هو الأب فإنه لا حق له في دم المشارك له في دم
(١) في المخطوطات: على.
(٢) لفظ شرح الأزهار (٩/ ٢٣٥): إلا أن يكون قد أقدم عليه فقتله مدافعة.
(٣) لفظ شرح الأزهار: أو غلب في ظنه أنه إن لم يقتله قتله.
(٤) ما بين المعقوفين من هامش شرح الأزهار.
(٥) أو إقرار المجني عليه. [أو مصادقة الورثة. (é)].
(٦) في المخطوطات: يندفع.
(٧) كذا في المخطوطات.