(فصل): في ذكر صور من الجنايات لا يجب الضمان في بعضها ويجب في بعض وذكر اعتبار حال المجني عليه:
  وكذا يجب الضمان أيضاً على غير المالك كسارق آخر نكر هيئته وأشرف على السارق فكان ذلك سبب هلاك السارق الأول فإنه يضمن، ويكون على العاقلة، وسواء قصد إهلاكه بالإشراف عليه بتلك الهيئة المستنكرة أم لا، فهو يخالف المالك؛ لتعديه بسبب السبب، وهو الدخول إلى ملك الغير بغير إذنه، فتأمل.
  (أو) مات راقي النخلة أو الجدار أو نحوهما (بالزجر) من المالك له أو من نائبه في الحفظ فلا شيء في موته بالزجر له وإن كان الزجر سبب موته، هذا (إن لم ينزجر) السارق (بدونه) يعني: بدون ذلك الزجر، فإن كان ينزجر بدونه ضمن، فعلى هذا لو صاح المالك على ذلك السارق فإما أن يكون سقوطه لا من الصيحة فلا ضمان، وإن كان سقوطه منها فإن لم ينزجر بدونها فلا ضمان أيضاً، وإن كان ينزجر بدونها فإن كانت تلك الصيحة لا يقتل مثلها في العادة: فإن لم يقصد إلى قتله فعليه الدية، وإن قصد إلى قتله أو كان مثلها يقتل في العادة لزمه القود؛ لأن الصوت كالآلة الواقعة في الصماخ ينصدع لأجلها القلب فيهلك السامع وإن كان عرضاً فهو كما قلنا كالآلة، كمن أدنى من حاسة الشم سماً قاتلاً فإنه يقاد به. فإن اختلفا فالظاهر سقوطه بغير الصيحة إذا كان الساقط كبيراً غير معتوه، وإن كان صغيراً أو معتوهاً فالظاهر [أن] سقوطهما من الصيحة؛ لأنهما يفزعان مما لا يفزع منه الكبير العاقل.
  ويأتي مثل الصيحة الموجبة للضمان ما يحدث بالمدفع من سقوط حمل أو انهدام بيت على التفصيل المذكور.
  فَرْعٌ: فلو رمى رجل ببندق قاصداً لإفزاع صبي لقتله فمات الصبي قتل به، وإن قصد إفزاعه دون قتله فإن كان يقتل مثلها في العادة فعمد يقتل به وإن لم يقصد القتل، وإن كان لا يقتل في العادة لزمته الدية، وتكون على عاقلته، وإن رمى ولم يقصد فلا شيء عليه إن لم يعرف أنه يتولد منها جناية، وإلا ضمن ما تولد منها مع معرفته لذلك وإن لم يقصد.
  (ولا) يجب شيء من القود والدية (على الممسك) لغيره حتى جاء الغير فقتل