(باب) الأذان والإقامة
  «أقيمت الصلاة والنبيُّ ÷ يناجي رجلاً في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام الناس(١)»؛ فدل ذلك على أن الفصل بينهما لا يفسد وإن خرج وقت الاختيار، كلو أقيم للعصر في وقت اختياره ثم خرج الوقت فإنها تجزئ تلك الإقامة مَنْ يصلي العصر في وقت اضطراره في ذلك المسجد ولا يحتاج إلى إعادة الإقامة لنفسه، وهو يخالف ما لو أقيم للعصر في وقت اضطراره الأول فإنه لا يجزئ إلا من يصلي في ذلك المسجد في ذلك الوقت قبل دخول وقت اختياره لا بعده؛ لما مر من أنها مترتبة على الأذان، وهو لا يصح إلا بعد دخول وقت الاختيار لمن يصلي فيه، لا لمن يصلي في وقت الاضطرار المتقدم فتجزئ، فافهم.
  فَرْعٌ: وكإحداث المقيم بعد الإقامة في عدم بطلان الإقامة بذلك لو مات(٢) أو ارتد فإنها لا تبطل الإقامة، فتكفي من صلى في ذلك المسجد تلك الصلاة، ولا يضر موته ولا ردته، لا لنفسه فتبطل الإقامة بالردة؛ إذ قد أبطل عمله بها، فيعيدها لو أسلم في ذلك الوقت وأراد الصلاة، ولو أراد الصلاة في ذلك المسجد الذي أقام فيه، فتأمل، وكذا في الأذان فيعيده لنفسه بعد الإسلام وإن كان قد أجزأ غيره.
  مَسْألَة: (وتصح) في الأذان والإقامة (الاستنابة(٣)) من المؤذن فيستنيب غيره يقيم، ويصح أن يقيم ذلك الغير بالنيابة من المؤذن سواء استنابه لعذر أو لغير عذر.
  (و) يصح فيهما أيضاً (البناء) من النائب على ما قد فعل الأول من ألفاظ الأذان أو الإقامة، فيتمم من حيث ترك الأول، ولا يستأنف الأذان أو الإقامة من أوله، كما قلنا لو أذن من يترك «حي على خير العمل» فإن الهدوي يفعل ذلك وما بعده؛ لأجل الترتيب، ويبني على ما فعل الحنفي أو نحوه ممن يرى ذلك، وأما لو كان المؤذن هدوياً وترك بعض ألفاظ الأذان كـ «حي على خير العمل» وهي في مذهبه منه فالهدوي الآخر لا يبني على ما فعل المؤذن الأول، بل يعيد الأذان من أوله؛ إذ هو ترك ما هو
(١) أي: لكثرة الانتظار للفراغ من الكلام. (شرح).
(٢) أو فسق. (شرح).
(٣) في متن الأزهار: النيابة.