تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في حقيقة جناية الخطأ ما هي:

صفحة 371 - الجزء 6

  رمى عبدٌ عبداً ولم يقع السهم به إلا وقد عتق الفاعل للرمي قتل بالعبد، ولا يعتبر المسقط هنا؛ لأن العبرة في الفاعل بحال الفعل.

  وكذا لو رمى ذمي ذمياً ولم يقع السهم إلا وقد أسلم فإنه يقتل للاعتبار المذكور، والله أعلم.

(فصل): في حقيقة جناية الخطأ ما هي:

  (و) اعلم أن جناية (الخطأ) ما وقعت بأحد⁣(⁣١) أمور أربعة:

  الأول: (ما وقع بسبب) وذلك ما وضع بتعد في حق عام من حجر ونار وغيرهما، وسيأتي بيان الأسباب إن شاء الله تعالى، ومن ذلك أن يخرج الرجال إلى ساحة البلد يضربون الكرة - وهي الجلادة - بالصولجان، وهو عود في طرفه انعكاف يضرب به الكرة، فإذا جنى بعضهم على بعض فإن الجناية⁣(⁣٢) في النفوس والأعضاء على عواقلهم حيث أرادوا ضرب الكرة فأصابوا غيرها⁣(⁣٣)؛ لأن ما هذا حاله ليس بعدوان، وأنه مباح⁣(⁣٤) أو مندوب لأجل الرياضة؛ فلهذا تكون الدية على العواقل، وكذا الرجال إذا لعبوا بالأسلحة أيضاً، وكذا الصبيان إذا لعبوا بإيقاد النار فأحرقت بعضهم بعضاً⁣(⁣٥) فالدية على عواقلهم⁣(⁣٦).

  فَرْعٌ: وإذا أمكن المجني عليه دفع السبب الذي ليس مهلكاً في العادة فلم يفعل حتى هلك سقط القصاص، كمن ألقي في ماء قليل فيبقى مستلقياً فيه حتى مات وكان يمكنه القيام، وكمن فتح [عليه] عرق الفصاد فلم يسده حتى نزف دمه مع تمكنه، فلا يضمن الفاعل؛ إذ السبب نفسه غير مهلك، فكأنه أهلك نفسه، أما لو كان السبب مهلكاً والدفع شاقاً كمن جرح جرحاً يمكن مداواته فلم يداوه حتى


(١) لفظ شرح الأزهار (٩/ ٢٤٤): على أحد وجوه.

(٢) لفظ البستان (٨٣٤) وهامش شرح الأزهار (٩/ ٢٤٤): فإن الدية في النفوس.

(٣) لفظ البستان وهامش شرح الأزهار: حيث أراد ضرب الكرة فأصاب غيره.

(٤) لفظ البستان وهامش شرح الأزهار: وإنما هو مباح.

(٥) لفظ البستان وهامش شرح الأزهار: إذا أوقدوا ناراً فحرق بعضهم.

(٦) é إذا كانت موضحة كما سيأتي. (من هامش شرح الأزهار).