(فصل): في حقيقة جناية الخطأ ما هي:
  فيكون ما وقع بذلك عمداً يقتل فاعله (وإن ظن الاستحقاق) له من المجني عليه، فظنه الاستحقاق لا يسقط عنه القود، فإذا قتل شخصاً ظنه قاتل أبيه مثلاً فانكشف غيره قتل به ولا يسقط عنه القود ظنه استحقاق دمه؛ لأنه ممنوع شرعاً حتى يحصل له أحد الطرق المتقدمة، فإن كان ذلك بأمر الحاكم له بقتله بمورثه اقتصاصاً فانكشف أنه غيره فإنه يكون خطأ؛ لأن الحاكم ألجأه، فتلزم الدية، وتكون على العاقلة، وكذا لو أقر أنه القاتل فقتله فانكشف خلافه فإنه خطأ أيضاً، وينظر لو قتله بعد الإقرار وهو يظن كذبه هل يقاد أم لا(١)؟
  وإذا كانت الجناية عمداً فإنه يثبت فيها القود (غالباً) يحترز من القتل في دار الحرب فإنه لا قود فيها، فلو قتل مسلماً في دار الحرب فلا قود كما يأتي إن شاء الله تعالى، وسواء ظنه حربياً أم علم بأنه مسلم، وتجب الدية في مال القاتل. وكذا لو تكلم الكافر بكلمة الإسلام فيظن القاتل أنه إنما قالها تفادياً من القتل فيقتله استصحاباً للأصل وانكشف أنه قالها حقاً فإنه لا قود، وتجب الدية من مال القاتل، كما في قصة أسامة بن زيد في قتله لمن قال كلمة الإسلام، وكما فعل رسول الله ÷ يوم أحد في قتل حذيفة بن اليمان. وهذا [إذا] كان أصل المقتول الكفر، أما لو كان أصله الإسلام فإنه يقتل به، فمن رمى شخصاً ظنه كافراً وبان مسلماً فإنه يقتل به إذا كان ذلك في دار الإسلام، فعرفت أنه احترز ¦ «بغالباً» من لازم العمد، وهو القود، لا من العمد نفسه، فهذه الصور عمد، إلا أنه سقط القصاص فيها.
  (وما) كان من القتل أو الجناية (سببه منه) يعني: من المجني عليه (فهدر) لا شيء فيه، وكذا في المباشرة ما كان من القتل مباشراً من المقتول فهدر أيضاً؛ لأنه في حكم الجاني على نفسه. ومما سببه منه في(٢) المجني عليه من عض يد غيره فانتزع
(١) القياس لزوم الدية¹. (من هامش شرح الأزهار ٩/ ٢٤٦).
(٢) كذا في المخطوطات. ولعل الصواب: ومما سببه من المجني عليه.