تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(باب) الأذان والإقامة

صفحة 390 - الجزء 1

  عنده واجب، وليس ذلك لعذر كما لو أذن من يرى عدم وجوبه. وإنما يصح البناء على فعل الأول من ألفاظ الأذان أو الإقامة (للعذر) الذي يحصل للمؤذن الأول في حال أذانه أو إقامته، كأن يحدث حدثاً أكبر في حال الأذان، أو أصغر في حال الإقامة، أو يعرض له عذر آخر بعد أن فعل بعض ذلك، كأن يموت أو يغمى عليه - صح أن يبني النائب على ما قد فعل الأول، وأما من غير⁣(⁣١) عذر فلا يصح البناء، بل يستأنف الثاني إذا لم يتم الأول من أول ما ترك من الأذان أو الإقامة.

  وقدر العذر الذي يسوغ معه البناء أن يتأخر الأول عن الإتمام وقتاً يتضرر به المنتظرون للجماعة ولو أحدهم، والمراد بالضرر هنا: الحرج وضيق الصدر، وبهذا التأخر يسوغ أن يقيم غير المؤذن؛ لفوات حقه بالتأخير. فلو أقام غيره لذلك العذر ثم حضر بعد ذلك فلا حق له بعد، سواء حضر بعد الإحرام للصلاة أو قبل وكان بعد تمام الإقامة، فلا يعيدها بعد لحضوره.

  (و) تصح النيابة من الغير بـ (الإذن) أيضاً من المؤذن لذلك الغير بالإقامة، فبإذنه له يكون ذلك كالعذر، فيصح من النائب أن يقيم نيابة عن المؤذن للإذن له منه بها وإن لم يكن ذلك لعذر. هذا في النيابة، والمراد بالإذن هنا ظن الرضا، وسواء كان بالقول - وهو أن يقول: «أذنت لك أن تقيم عني» - أو يظن الرضا من دون قول. وهذا - أعني: الإذن - مختص بالنيابة عن المؤذن الأول، لا البناء على ما قد فعل فلا يسوغه إلا العذر فقط، لا الإذن فلا يبنى له، فتأمل.

  مَسْألَة: وإذا أذّن جماعة فالسنة أن ينطقوا بالأذان معاً؛ لأنه أظهر في الإشعار وأبلغ، ولأنهم لو ترتبوا واحداً بعد واحدٍ أدى إلى جرح صدورهم؛ لأجل التقدم والتأخر، ولأن الترتيب يؤدي إلى تأخير الصلاة عن أول وقتها، سيما إذا كثر المؤذنون. وحيث يؤذن جماعة يكون أولاهم بالإقامة الراتب سواء سبق أو سُبِق، ثم


(١) في (ب): «دون».