تيسير الغفار المعروف بـ (مجموع أهل ذمار)،

عبدالله بن علي العنسي (المتوفى: 1301 هـ)

(فصل): في بيان من يلزمه ما لزم بالخطأ، وذكر بعض صور الخطأ:

صفحة 382 - الجزء 6

  قاصدة لوضعه ولا عالمة أنه يضره ثم ألقت الحمل بسبب ذلك الذي أكلته فإنها لا تضمن؛ لأنها غير متعدية في السبب.

  ويعتبر في ضمان الجنين أن يخرج عقيب العرك أو تبقى متألمة حتى وضعته، وإلا فلا ضمان؛ لجواز أن يكون خروجه بغيره.

  فَرْعٌ: فلو فعل ذلك العرك غير الأم، فإما أن يكون برضاها أو جناية منه، فإن كان برضاها ضمنا جميعاً، والقرار على المباشر، وهو العارك، وللأب مطالبة الأم، وترجع على المباشر. وإنما ضمنته مع المباشر لأن ولدها معها أمانة تضمنه مع التفريط. وإن كان ذلك الغير جانياً - بمعنى فعل بغير رضاها - كان الضمان عليه وحده. فلو اختلفا هل خروجه بالجناية أم بغيرها فالقول قولها إذا أسقطت الولد عقيب الجناية أو بقيت متألمة حتى وضعت، فيكون الظاهر معها. ولو اجترحت الأم بالولادة فعلى الجاني حكومة؛ إذ ليست الغرة لأجلها.

  (و) أما ما يلزم الملقية لجنينها بشراب أو عرك أو غيرهما فهو (فيما خرج حياً) من الأجنة ثم مات بسبب إخراجه بذلك، وذلك (الدية) على عاقلة المخرج له (و) إن خرج (ميتاً) بعد أن علمت حياته في بطن أمه لزمت فيه (الغرة) على ذلك الجاني، وسواء كثرت المدة التي قد وقف فيها في بطن أمه كتسعة أشهر أم قلت كأربعة، والمعتبر أن تعلم حياته في بطن أمه وتبقى متألمة من بعد الشراب أو العرك حتى يخرج أو يخرج عقيب ذلك، وأما لو لم تكن قد علمت حياته فلا شيء فيه من الضمان، ويأثم الفاعل. ووجه وجوب الغرة أنه لا وجه لوجوب الدية كاملة؛ إذ لا⁣(⁣١) تتحقق الحياة، ولا إسقاط لجميعها؛ إذ الجنين جزء⁣(⁣٢) من بني آدم، فقدر أقل ما قدر الشرع من الأرش، وهو أرش موضحة. وسيأتي أن الغرة عبد أو أمة بخمسمائة درهم، ولا يجزئ الجاني إخراج الخمس المائة إلا بعد تعذر العبد أو الأمة.


(١) في المخطوطات: إذا لم. والمثبت من البحر وهامش شرح الأزهار (٩/ ٢٥٩).

(٢) في المخطوطات: حي. والمثبت من البحر وهامش شرح الأزهار.